هل العقلية العربية التقليدية على خصام دائم مع الزمن وترفض الاعتراف به، وبالتالى فهى فى خصام مع العقل؟
وهل ترى العقلية العربية فى العقل عدوا لدودا للدين، كما ظلت الكنيسة المسيحية تحارب العقل والتفكير لقرون طويلة؟
وهل ورث العرب الكثير من جذور التخلف من العصر الجاهلى، وكان ذلك بداية تآكل تدريجى فى صرح الدولة الإسلامية؟
هذه التساؤلات يجيب عنها شريف الشوباشى فى كتاب هام بعنوان «لماذا تخلفنا»، وتكمن أهمية هذا الكتاب أن به من الوقائع والتحليل للتاريخ الإسلامى ما نحتاجه اليوم لنفهم ولنعرف من يريد الفهم، فسوف يرى هذا الكتاب من أهم المنتجات الثقافية ومن يكره العلم والوعى فسوف يراه رجسا من عمل الشيطان.
الشوباشى يقدم عرضا تاريخيا لماذا سقطت الحضارة العربية فى مستنقع التخلف، وبعد أن كانت أوروبا أو حضارة الغرب منهزمة صرنا نحن فى موقع الحضارة المنهزمة والمقهورة والمكبوتة، وهو ما يفسر طفرات السياسة التى تنبع من عالمنا العربى الإسلامى وتتخذ شكل العمليات الإرهابية، وهى سلاح اليائس العاجز الذى فاتته فرصة الانتصار فى معركة الحضارة، فلجأ إلى الانفراد بمن يمثلون الغرب فى نظره. الكتاب يقدم وقائع عن استغلال الدين واستثمار القرآن واستخدام السنة من أجل السيطرة على عقول الناس، والهيمنة على مقدرات الشعوب واعتلاء المناصب والمراكز والحصول على الجاه والسلطان فى الدنيا.
الكتاب يكشف عن المفاهيم الخاظئة والرؤى المغلوطة التى أدت إلى تفتت وتفكيك أوصال الحضارة العربية العظيمة إلى أن وصلنا إلى الحاضر الأليم، فالعناصر التى أدت إلى انهيار حضارتنا فى الماضى هى نفسها التى تكبل عقولنا وتحرمنا اليوم من التطور والرقى، لأن الآفات الماضية مازالت قائمة إلى الآن.
المجتمعات التى سارت فى طريق التقدم نجحت فى القيام بعملية غربلة لتراثها ولما خلفه السلف واحتفظت بالإيجابى منه، وسارعت بالتخلص من السلبيات. ويل ديوارث، مؤرخ الحضارات الشهير، يؤكد أن أى حضارة كبيرة لا تتعرض للغزو الخارجى إلا إذا كانت قد دمرت نفسها من الداخل، وهذا ما حدث للحضارة الإسلامية، كما حدث مع كل الحضارات القديمة من استثناء.
الكارثة أن كل من يحاول كسر قاعدة الصمت، وكل من اجترأ أن يطرح أفكارا أو حتى تساؤلات تخرج عن الطرق المرصوفة فسوف يجد من يشعل له نار جهنم ممن يدعون أنهم حراس المبادئ.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة