«ريان الصعيد» أو «المستريح» الذى قام بالنصب والاحتيال على المواطنين واستولى على أكثر من مليارى جنيه ثم «فص ملح» وذاب وسط زحام الفوضى السياسية والانشغال بعيدا عن بسطاء الناس وتركهم لتجار الأحلام والمغامرين والنصابين وهواة جمع الأموال من الغلابة فى أسرع وقت هو النسخة المكررة من «الريان» الأصلى فى هوجة شركات توظيف الأموال فى بدايات الثمانينيات، والتى داعبت خيال الناس بالثراء السريع والفائدة العالية ثم فى لحظة تهاوت تلك الأحلام مع انكشاف حقيقة تلك الشركات التى تحكمت فى سوق الصرافة فى مصر حتى بدايات التسعينيات، وتغاضت الحكومة عن ممارساتها بل تواطئت معها فى بعض الأحيان.
عملية «المستريح» وأمثاله من النصابين المنتشرين فى مدن وقرى مصر للاستيلاء على «تحويشة العمر» من المصريين المغتربين فى الداخل والخارج، توجه سهام الاتهامات إلى الحكومة وإلى الجهاز المصرفى المصرى برمته، لأن تلك الظاهرة تكشف مدى العجز عن توفير قنوات ادخارية شرعية وطرق ملائمة لامتصاص مليارات السيولة الضائعة فى جيوب المصريين ولا يستفيد منها الاقتصاد المصرى الذى يعانى.
المستريح- ومن قبله الريان- يكشف أن هناك أزمة ثقة مازالت مترسخة فى الوجدان من إيداع الأموال سواء فى البنوك أو استثمارها فى مشاريع حقيقية رسمية، بشكل آخر هناك أزمة ثقة حتى الآن فى الحكومة التى لم تسع إلى اتخاذ إجراءات حقيقية لتشجيع الناس لاستثمار أموالهم بشكل صحيح بما يحقق الفائدة العامة للدولة والخاصة لهم، الأمر الآخر أن الجهاز المصرفى المصرى رغم اعترافنا بما حققه من إنجاز خلال السنوات الأربع الماضية هو الآخر مسؤول عن ظاهرة «المستريح» وإخوانه من المتاجرين بأحلام الناس، فيبدو أن طريق الوصول إلى البنوك ملىء بالمصاعب أمام المصريين لإيداع أموالهم فيها وتوظيفها بشكل صحيح لدعم الاقتصاد المصرى، فالبنوك حتى الآن ليست لديها الجرأة الكافية لاتخاذ قرارات وإجراءات لجذب أموال الاقتصاد الموازى الذى تقدره دراسات رسمية بنحو 2 تريليون جنيه إلى خزائنها والتغلب على سياسات عقيمة لا تتواكب والتطور المصرفى فى العالم، الجميع مسؤول عن ظاهرة «المستريح»، والجميع أيضا مسؤول عن التحرك السريع وطرح مبادرات واتخاذ قرارات وإجراءات مناسبة لدفع الناس لإخراج أموالها من «تحت البلاطة» إلى شرايين الاقتصاد المصرى الرسمى.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة