مشكلتنا ليست المعارضة أو التأييد، لكن المبالغة، التهوين والتهويل.. نفاق فج ومزايدة سطحية، والنتيجة انصراف المواطن عن إعلام ينشغل بنفسه و«برستيجه»، وليس دور الإعلام أن يكون مؤيدا أو معارضا، بل أن يكون واعيا موعيا، مسليا شيقا، وليس كئيبا منفرا زاعقا مزعقا.
لسوء الطالع أننا أمام حالة من المبالغة تنتاب المنافقين والمزايدين، برامج التوك شو «توكتوك ولوكلوك»، كلام فى ثلاث ساعات، الواحد منهم يمسك الميكرفون ويتكلم فى الناس حتى يبان للمشاهد صاحب، يفهمون فى كل شىء لا نعرف إن كانوا سياسيين أم إعلاميين فقط، لتاتين عجانين.
الزميل والصديق الإعلامى يوسف الحسينى تناول مقالا لى وقال إننى أطالب المعارضين بأن يتوقفوا عن نقد الرئيس، وأظن أنى آخر واحد ينصح بهذا، ولم أكن يوما قريبا أو عضوا فى حملات الرئيس، ولم أطالب الزميل يوسف الحسينى أو غيره بأن يتوقفوا عن المعارضة، ولو كان قرأ ما كتبته لوجد أننى كنت أرصد حالة ولا أطالب بموقف، ثم إننى لا أتوقف عن انتقاد ما يستحق بصرف النظر عن الأشخاص، ولو كان لدى الزميل أى شعور بالرغبة فى المعارضة، فليفعل، والدنيا واسعة.
وأعتقد أن العلاقة مع الرئيس والسلطة انعكاس لمواقع التواصل الاجتماعى منذ الثورة، عندما حول الإعلاميون نكرات إلى نجوم وأبطال، وما أقوله هو أننا لا نود امتهان تعبيرات مثل معارضة مثلما فعلنا مع تعبيرات مثل ثورة، وعدل، وشهداء، ودماء، فقدت معناها من سوء الاستعمال.
ولست هنا فى مجال الرد على الصديق يوسف، لكنى أظن أن الإعلام فى حاجة لوقفة مع النفس، فنحن أصبحنا أمام ثلاثة أنواع: نوع منافق يدافع عمال على بطال عن الرئيس والسياسات والحكومة، ويعتبر كل من ينتقد متآمرا، والنوع الثانى الإخوان يرون كل شىء أسود وداكنا وكئيبا ينفخون فى كل شىء، وهو وضع طبيعى.
أما النوع الثالث فتراهم متأرجحين من أقصى التأييد إلى درجة النفاق إلى أقصى المعارضة لدرجة المزايدة، بعضهم يفعل من أجل استعادة مشاهد ضج وهرب عن التوك شو بعد أن فقد معناه، وكل مذيع يظن نفسه العلامة الفهامة ودونه الجهل، والسبب الثانى أن هؤلاء يتأثرون بالانتقادات التى توجه لهم بأنهم عبيد ومطبلاتية ويريدون إثبات العكس، يلبس الواحد منهم ثوب المعارض ويصرخ طوال الوقت «هيا نعارض.. يجب أن نعارض» هذه هى القضية وليست المعارضة أو التأييد، والحقيقة أن بعض من يتقافزون بالمعارضة، لهم مواقف وتقلبات مشينة وكلها متاحة، ليسوا أكثر من قرداتية.
لا أحد يمنع الزميل من أن يكون مؤيدا أو معارضا بشرط أن يكون طبيعيا لا يكرر نفس الكلام يوميا.. وربنا يرحمنا من المنافقين والمزايدين.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة