نحن بلد وشعب بلا ثقافة إدارة الأزمات، وبتعبير رئيس تحرير الجريدة الأستاذ خالد صلاح فى برنامجه الأسبوعى على قناة النهار «وسط عتمة البث» بعد انفجار برجى مدينة الإعلام «إحنا ليه بلد بتغرق فى شبر مية؟!».
سؤال محتاج لإجابة، لماذا لم نشكل إدارة للأزمات؟ وخصوصا فى هذه الفترة الحرجة التى تمر بها البلاد! وتكون معنية بتوجيه الشعب بكيفيه التعامل مع الأزمة ولا تتركه لفتى الخبراء الاستراتيجيين سواء على شاشات الإعلام التقليدى أو على شاشات مواقع التواصل الاجتماعى، وقد شهدنا هذا الفتى والحيرة والعبث من كل الأطراف بعد مشكلة الفوسفات الذى غرق فى النيل، وأصبحنا نسمع كل الآراء المتناقضة فى نفس الوقت، وكمثال لذلك ما حدث بين تصريحات وزيرى البيئة والإسكان، فقد صرح وزير الإسكان بأن «كتل الفوسفات لا تذوب فى النيل ولا خوف من تأثيرها» أما وزير البيئة فقد صرح بأن «دول أخرى تلقى الفوسفات فى المياه لفوائده ولا داعى للقلق» ويبقى السؤال هنا للشعب بعد سماع هذه التصريحات: «هل الفوسفات يذوب فى المياه وله فوائد أم أنه لا يذوب وليس له تأثير؟» فالمحصلة أنه ليس هناك جهة معنية ينتظر الشعب بيانها الرسمى للتعامل مع الأزمة، ففقدنا الحقيقة وضاعت المصداقية، والعبث سيد الموقف، ومن قبل الفوسفات فى النيل كانت أزمة انقطاع البث عن شاشات الفضائيات، وأعتقد أنها المرة الأولى التى أرى فيها ذلك فى حياتى، ثم تسمم أهالى الإبراهمية فى محافظة الشرقية التى لا نعرف حتى الآن من المسؤول عنها.
ثم نستيقظ من النوم لنتصفح مواقع التواصل الاجتماعى فنقرأ بوست للدكتور عصام حجى يقول فيه «ضياع القمر الصناعى لثانى مرة نتيجة طبيعية لاستمرار مسلسل تهميش الخبرات العلمية بالداخل والخارج»، وأضاف أنه يشعر بالحسرة لهذا الخبر المحزن قائلاً: «واضح أن مكتوب علينا نزرع فى أرض الغرب ونرجع بلادنا فى صناديق» وأنهى حديثه بأنه يتمنى أن يكون مخطئا فى كل ما قاله، وقبل كتابة هذا البوست من قبل د.عصام حجى لم يخرج علينا أى مسؤول مصرى بنفى أو إثبات ما حدث ولكن بعد مرور أكثر من 24 ساعة قرأنا فقط هذا الخبر «هيئة الاستشعار عن بعد: إصلاح عطل القمر «إيجيبت سات 2» وعودته لمداره»، وقلنا الحمد لله.
هناك كتاب اسمه «كافة المخاطر» كتبه جيرى سيكيتش لخص به أهمية إدارة الأزمات فكتب «لا تختبر أى إدارة اختبارا جيدا إلا فى مواقف الأزمات»، وأعتقد أن الإدارة الحالية فشلت فشلا مزريا فى إدارة الأزمات الأخيرة، وأضاف أيضًا: «إن أزمة إدارتنا هو عدم تبنى إدارة الأزمات وتفعيلها كأحد الحلول الجذرية والمهمة فى العالم العربى والإسلامى إلا ما ندر»، وفى اليابان هناك نظام يدعى نظام كانبان KANPAN اليابانى لإدارة الأزمات عبر عنه «جبر» أحد الكتاب بقوله: «إن المفهوم الجوهرى لنظام كانبان يقوم على أساس محاكاة الأزمة Stimulate the crisis وخلقها لكى يبقى الإداريون والعمّال دائمًا فى حالة التأهب جاهزين لعمل ما بوسعهم سواء أكانت هناك أزمة حقيقية أم لا، أى أنهم مستعدون على قدم وساق ومفعمون بالنشاط والحيوية لمواجهة الاحتمالات غير المرغوبة»، وطبعا بيننا وبين اليابان سنون وقرون ضوئية، متى نشعر أننا لا نغرق فى شبر ميه؟ متى سنتعلم كيف ندير الأزمات؟ متى ستكون لدينا إدارة ناجحة للأزمات؟ هل هذه أسئلة مشروعة ننتظر إجابة عنها أم سيكون التجاهل من نصيبها كأسئلة كثيرة أخرى؟!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة