أين كنا فى البداية؟ فلنبدأ التسلسل من الأحدث للأقدم فقد يساعدنى ذلك على التذكر: التحفظ على أموال أبو تريكة التى لم يكتسبها بالسرقة، أو استغلال النفوذ، أو الرشوة، أو استغلال المنصب كما فعل مبارك الذى عادت إليه أموالنا سالمة غانمة بعد البراءة، أما أبو تريكة الذى اكتسب أمواله بموهبته فقد تم التحفظ عليها، لأنه «يمول الإرهاب»! والغريب أن هناك قيادات بارزة من جماعة الإخوان لم يتم التحفظ على أموالهم، لأنهم ببساطة، أحسنوا التخطيط، وقاموا بمشاركة بعض رجال الأعمال «الفلول» والحيتان كما يقال عنهم. قبل موضوع التحفظ ده كان فى إيه يابنى؟ آه.. ياسمين النرش، هذا الفيديو الكوميدى الذى يبعث على البهجة والضحك حتى الثمالة، وهل ياسمين النرش فى السجن أم خارج السجن؟ وهل هى تاجرة مخدرات أم بريئة؟ قبلها كانت البامية، قبلها كان إسلام البحيرى ومنع برنامجه، قبلها، أو بعدها، أو أثناءها لا أذكر، فجأة تحول بعض الإعلاميين الذين كانوا يؤلهون السيسى إلى مهاجمين للسيسى، ويا ترى حصل إيه يا ولاد؟ هل غضب عليهم السيسى؟ طيب لو غضب عليهم لأوقف برنامجهم كما فعل مع باسم يوسف الذى لم يكن يوما فى حاشية أى حاكم، وهو السبب الذى دعا إلى وقف برنامجه، أم أنها تعليمات عليا من السيسى ذاته لمهاجمته؟ قبلها، أو أثناءها، أو بعدها، كان الحديث عن تأسيس حزب إلحادى! ويتضح أنها كذبة، وأنه حزب ليبرالى علمانى، عاااااااادى جدا، مثله مثل حزب الوفد مثلا. آه.. والحجاب.. كيف لى أن أنسى؟ تظاهرة خلع الحجاب، وهل هو عادة أم عبادة، وهل منكره كافر أم لا، وإيناس الدغيدى، ونبيه الوحش... ياختااااااااااااى.
أين كنا فى البداية قبل هذا «الهرى» الذى انهال علينا من كل حدب وصوب؟ أنا أعرف تماما هذه الأجواء وهذه التلاهى، لا يخطؤها شخص مازال يذكر عهد مبارك، ونشاطات جهاز أمن الدولة إبان فترة حكمه. كان رجلا مسليا حقا، كل شهر، كان جهاز أمن الدولة يتحفنا بلعبة جديدة يلهينا بها، ويتركون الرجل يجمع المليارات التى عادت إليه الآن بعد حكم البراءة. بعد الثورة، اختفت هذه الحوارات والتلهيات، لأن الناس كانوا يركزون انتباههم على أشياء تخصهم، مثل موعد الانتخابات، أو التعديلات الدستورية، أو كتابة دستور جديد، أو ما يقوم به الإخوان من تحالفات، أو ما سيتم فى الانتخابات الرئاسية، أو مقترحاتهم لتطهير مؤسسات الدولة من الفساد... إلخ. لكن الثورة فشلت الآن ولله الحمد. وعدنا من حيث بدأنا. وعاد جهاز الأمن الوطنى - أمن الدولة سابقا - لنشاطاته بكامل طاقته، وفتح لنا دولاب اللعب، وأخرج لنا الألعاب الجميلة التى نحبها جميعا، لكنه حتى الآن لم يخرج لنا لعبة الطائفية وهدم الكنائس، وتهجير المسيحيين، أظن أن هناك تعليمات بألا يقترب من هذه المنطقة لأنها كانت أحد أسباب سقوط نظام مبارك، تماما كما كانت أحد أسباب سقوط نظام الإخوان الذى عمد إلى التكريس للطائفية.
لكننا قبل أن ننشغل بإيناس الدغيدى وياسمين النرش ونبيه الوحش، كنا منشغلين بوضع قواتنا فى اليمن، وكان الرأى العام ضد مشاركة القوات المصرية بريا، بما فى ذلك أعتى المؤيدين للسيسى، وقبل عاصفة الحزم، كنا نتساءل عن موعد انتخابات البرلمان، وكنا نريد أن نعرف هل سيتمكن بعض عناصر النظامين الساقطين: مبارك والإخوان، من المشاركة فى هذه الانتخابات، وقبلها كنا نتساءل عن تفعيل الدستور الذى صوتنا عليه بنعم، وقبلها كنا نتساءل عن تنفيذ كل بنود خارطة الطريق.. ودى كلها أسئلة مضرة بالصحة، ووحشة للأولاد الصغيرين، المفروض اللى فى سننا يلعبوا ألعاب تناسبهم، زى مثلا فرضية الحجاب، أو مكافحة الإلحاد، أو التساؤل عن حقيقة اتجار ياسمين النرش فى المخدرات. هذه هى المواضيع التى تناسب سننا. وكفانا تدخلا فى شؤون لا تخصنا، شغل السيبان بتاع الثورة ده خلاص، زمن اللللللل... خلاص انتهى. بيتك بيتك بقى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة