«ضبط الأسعار ومواجهة جشع التجار مسؤوليتك» هكذا غسل رئيس الوزراء يديه من أخطاء وزير التموين، ولم يكن الإنذار فى اجتماع مغلق أو بينه وبينه، وإنما فى بيان صحفى على غير عادة رؤساء الحكومات فى تأنيب الوزراء، وأقر محلب بأنه تلقى تقارير تفيد بارتفاع أسعار الفواكه والخضراوات والدواجن، وسيُحاسب المسؤولون إذا لم تنته هذه الظاهرة بأقصى سرعة، ألا هل بلغت اللهم فاشهد.
رئيس الوزراء أراد أن يوجه رسالة للرأى العام قبل وزير التموين، فالأسعار تلعب منذ عدة شهور، ولم يكن رئيس الوزراء فى حاجة إلى تقارير تُرفع إليه حتى يكتشف الأمر، فالمفترض أنه يجوب البلاد من أقصاها لأقصاها، فيكتشف الأزمة على أرض الواقع، قبل أن ترصدها التقارير، وإلا ما فائدة الزيارات والجولات الميدانية إذا لم تلتفت إلى أزمة كبيرة تمس حياة الناس ولقمة عيشهم؟!
ما علينا.. رد وزير التموين على تحية رئيس الوزراء بأحسن منها، وقرر على الفور تخفيض أسعار الفواكة والخضراوات فى المجمعات الاستهلاكية بمقدار الربع، و«شغل أسطوانة» التيسير على المواطنين وحمايتهم من جشع التجار، وكأن الرجل نام الليل على أسعار حنونة واستيقظ على منبه رئيس الوزراء، فاكتشف الجشعين «الأندال» الذين عبثوا بالأسعار، أثناء خلوده للنوم من التعب والإرهاق، فهب وصحح وواجه فى ستين دقيقة.. هيه، لا مساس ولا مسوس بالأسعار!!
ما علينا.. وإحقاقا للحق أؤكد أن الأزمة قديمة وورثها رئيس الوزراء من سبعة رؤساء حكومات قبله أبرزهم على لطفى وعاطف صدقى وعاطف عبيد والجنزورى وأحمد نظيف، وبعضهم ساهم بشكل كبير فى تجريد الدولة من أسلحتها الناعمة والخشنة، جريا وراء الخصخصة المنفلتة والرأسمالية الفجة، فلا تسعيرة جبرية ولا ودية ولا كلمة شرف ولا تحديد هوامش للربح، وباعوا المجمعات الاستهلاكية إلا كام فرع يتيم، وتعاملوا مع الجشع والاستغلال والغلاء وكأنها فرض عين فى سبيل دخول جنة الاقتصاد الحر. آخر سؤال: لو ذهب وزير التموين لبائع خضر فى سوق سعد زغلول الملاصق لوزارته وسأله: «كيلو الطماطم بكام؟».. فرد عليه: «بتمانية جنيه ولكن القفص النقاوة اللى جوه بعشرة جنيه».. ماذ يمكن أن يفعل المهندس خالد حنفى؟.. نتواصل.