قصر المؤتمرات بمدينة نصر ومدينة الإنتاج الإعلامى وماسبيرو، ثلاثة حوادث مدوية فى الأسابيع الأخيرة لم تهز عرش مصر، وتعاملت معها الأجهزة المعنية ببرود أعصاب، وتفننت فى تعليقها على شماعة الإهمال، أو ضد مجهول الإرهابية، التى لا أشك لحظة أن أصابعها تلعب سراً وعلنا فى كل ما شهدته البلاد من أعمال عنف وتخريب.
حتى الآن لم نعرف من هو الفاعل فى حريق قصر المؤتمرات بمدينة نصر، عروس الأماكن التى كنا نتباهى بها، والتهمته النيران ساعة عصارى، دون معرفة الجانى، وهل هو الإهمال الذى لا يقل خطورة عن الإرهاب على رأى رئيس الوزراء؟ أم سخان الشاى ولا موظف «مش إخوان» نسى سيجارة مولعة فوق كرسى إسفنج؟ ولماذا تعطلت رشاشات الإطفاء التى تنطلق كالنافورات الغاضبة إذا شمت رائحة دخان؟.. لا أشك أنه حريق سياسى لتدمير المكان الأكثر ملاءمة وأمنا، لاستضافة المناسبات القومية والمؤتمرات الحزبية والمعارض الدولية ولا يعوضه أى مكان آخر فى مصر.
من الطبيعى والبديهى والمنطقى والمتوقع والمنتظر، أن تستيقظ قرون استشعار المسؤولين فى ماسبيرو ويعلنوا حالة التأهب القصورى بعد إظلام مدينة الإنتاج الإعلامى، على أساس أن الجماعة الإرهابية تبحث عن فرقعات لرفع الروح المعنوية لعناصرها المحبطة فى الداخل والخارج، ولكن لدغنا من نفس الجحر، والأكثر غرابة أن المسؤولين ظهروا كأبطال لمعركة تسويد الشاشات، يتهمون «البوردة» وانخفاض التيار، ويبرئون ساحة الإرهاب والإهمال، وأصدروا أحكامهم قبل أن تحقق النيابة، رغم أن رئيس الوزراء أبلغ النائب العام، بما يعنى أنه يريد إنزال أشد العقاب على المسؤولين عن تلك الفضيحة الضاحكة.
سؤالى هنا : هل النار هى التى تختار المكان الذى تشتعل فيه؟.. إذا سلمنا بذلك فنحن لسنا فى ماسبيرو المطل على النيل، وإنما فى قرية «الترامسة» بقنا التى تشتعل فيها الحرائق الشيطانية دون معرفة السبب.. وإذا لم تقيد الحرائق «ضد معلوم» يأخذ عقابه العادل، فلن تنفع أجهزة الإطفاء الحديثة الهائلة ولا الإنذار المبكر والإطفاء الأوتوماتيكى، ومن الأفضل استبدالها بالمشايخ والقساوسة والعرافين، وغيرهم من المخاويين «جمع مخاوى» للأشباح والشياطين.