أحمد الجمال

لا.. للجفاف الروحى

الثلاثاء، 12 مايو 2015 11:49 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
اليوم الثلاثاء الأخير من شهر رجب الفرد، فيه تقام الليلة الختامية لمولد السيدة زينب بنت الإمام على والسيدة فاطمة الزهراء ابنة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم! مثلما تقام الليلة الختامية لمولد أخيها أبى عبدالله الحسين فى الثلاثاء الأخير من شهر ربيع الثانى.. وبعدها تتوالى الاحتفالات بأهل الله الأولياء الصالحين! أمضى عادة بصحبة صديق العمر الفنان الشامل سعيد بن عطية بن فرماوى مدكور من مداكير الغربية، لنخترق وسط القاهرة من شارع قصر النيل إلى شارع عبدالعزيز ومنه إلى العتبة الخضراء، إلى أن نصل إلى المشهد ونقرأ الفاتحة، ثم نخرج من باب الميضأة وننعطف يمينا إلى قلب حى الجمالية نغوص فى بحر البشر حتى تقذف بنا أمواجه لنخرج من حارة أم الغلام، حيث تقف على الناصية عمارة عليش التى شهدت خطبتى عام 1973 على الدكتورة فاطمة رحمها الله رحمة واسعة! ورجب فرد لأنه يقف وحيدا كشهر حرام بين شهور لم يحرم فيها القتال فيما الشهور الثلاثة بقية الأشهر الحرم متصلة: «شوال وذى القعدة وذى الحجة..» وتقول الأسطورة الشعبية، إن «أم الغلام» كانت امرأة مصرية قبطية مسيحية، وكانت تجلس أمام التنور «الفرن» لتخبز، وإذا برأس مولانا الإمام الحسين يهبط فى حجرها فسترته وأخفته عن عيون عسس الأمويين الذين كانوا يسعون من ورائه! ثم إن العتبة صارت خضراء، أى رمزا للخير واليسر والتسهيل، لأنها كانت المنفذ المؤدى للمشهد الحسينى لكل القادمين من الدلتا والصعيد، ويروى أن الشيخ الإنبابى «الإمبابى»، كان يأتى راكبا وقبيل وصوله العتبة الخضراء يترجل ويخلع نعليه، ثم يتوقف ويقرأ النصف الثانى من التحيات وما تيسر من قرآن ومن أوراد، ويخاطب سيدنا الحسين: «هذا مقامى منك يا ابن بنت رسول الله!» إذ لم يطاوعه عزمه وقلبه على أن يقترب أكثر من المقام السامى الرفيع لسيد شباب أهل الجنة سبط رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. نذهب، فرماوى وأنا، مشيا عبر باب اللوق فنوبار إلى أن نصل لشارع السد وندلف لنقرأ الفاتحة ثم نتجه إلى شارع زين العابدين والبغالة، فيما أكداس البشر تتراكم جلوسا على الأرصفة، وقبيل نهر الشارع وتتدافع مشيا بلا توقف! وفى كل عام وعند كل مولد تتكرر لجاجة ونطاعة الذين يزعمون لأنفسهم القوامة على وجدان الناس، ويبدأ الكلام عن مفاسد الموالد والاحتفالات بالأولياء والصالحين ويدور الكلام عن الشرك والكفر والفسق والزندقة واختلاط الرجال بالنساء وإهدار الجهد والوقت، إلى آخر الأسطوانة المشروخة التى لم تفلح، رغم عدم توقفها عن البث لمئات السنين، فى أن تنزع حب آل البيت وحب الصالحين من قلوب الخلق! وعبثا يحاول أرباب اللجاجة والنطاعة إقامة الدليل الفقهى على ما يذهبون إليه، لأنه مردود عليه، ولست بصدد مناقشة الأمر من هذا الجانب لأننى ممن يذهبون إلى أن الفطرة الإنسانية السليمة هى المعيار الأول الذى تختبر به كل الظواهر الإنسانية، حيث الحب هو جوهر تلك الفطرة، وما أبدع وأجمل أن يجتمع الخلق على حب إنسان بعينه فترى سيرته تسكن وجدانهم وينزلونه منزلة رفيعة، لأنهم يدركون أنه استمد منزلته تلك من حبه للحق والخير وحبه للخلق باعتبارهم تجليات الخالق جل وعلا.. وهكذا هو حال الناس من أقصى الغرب إلى أقصى الشرق ومن قمة الشمال إلى قاع الجنوب!.. لقد أحب المصريون آل بيت النبى لدرجة يتأكد فيها أن مصر مجتمع سنى أشعرى مذهبا، ولكنه يحب آل البيت أكثر من أى تجمع شيعى على وجه البسيطة.. وكما سبق وكتبت مرات عديدة، فإنه حب متصل بحب المصريين للأسرة المقدسة أى السيد المسيح وأمه العذراء وخطيبها القديس يوسف النجار، وهناك سلاسل من الروايات المشحونة بالأسرار الروحية تسكن وجدان ملايين المسلمين والمسيحيين.. كل له بصمة خاصة غير متكررة فى علاقته بنسبه الروحى إلى قديس أو ولى صالح، وهو نسب كان كثيرون يحرصون على إثباته وتسجيله فى أسمائهم، إن من لا يدرك أهمية هذه العلاقات الوجدانية فى حياة المجتمعات وعلى مستوى الأسرة والفرد يحكمون بالجفاف على النفس الإنسانية.. ولذلك عنادا فيهم أصيح بأعلى صوتى: مدد يا أم هاشم يا طاهرة يا رئيسة الدواوين.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة