يبدأ كلامنا سلامنا يطوف ع السامعين، معنا عصفور محندق يزقزق كلام موزون وله معنى.. فأرجو أن يكون فى كلاى أى معنى.. هل السينما المصرية بأفلامها الجيدة والسيئة وأسودها وأبيضها وألوانها مسؤولة عن الطبقية وكل موبقات المجتمع المصرى وكثير من ظواهره السلبية؟ سؤال يطرح نفسه منذ أن برزت أزمة وزير العدل السابق وتصريحاته التى خصت ابن الزبال وأحقيته فى أن يكون قاضياً على العباد، لست المدافعة عن السينما بحلوها ومرها، ولكنى فقط أقر واقعاً وأنبه القاصى والدانى لحقيقة تأثير السينما وأفلامها على الشعوب عامة، ثم على الشعب المصرى خاصة.
تقف السينما وأفلامها قادرة على أن تخلق صورة شىء أو شخص أو معنى وتكرار تلك الصورة أو النمط كفيل بأن يؤثر على الشعوب وهو ما حدث ومازال يحدث فى السينما الأمريكية غزيرة الإنتاج المنتشرة فى كل العالم، فقديماً كان الرجل الأسود هو الشرير وقبله الهندى الأحمر وفى فترة أخرى كان أهل فيتنام عرضة لخلق صورة نمطية للشر، ثم صار العربى المسلم هو مصدر كل الشرور، فكم من مرة بل مرات تضبط نفسك متعاطفاً مع البطل الأمريكى الأبيض ضد بنى جلدتك أنفسهم على الأقل مدة الساعة ونصف التى تدور فيها أحداث الفيلم على الشاشة؟! هوليوود تفعل ذلك بأفلامها وصناعتها فهى صاحبة فكر وقرار سياسى وقرار دولى، وهى تفعل ما تفعل وهى مدركة تماماً لدورها وهدفها على اختلاف شركات الإنتاج وشخوص المسؤولين.
ولكن تعالوا إلى السينما المصرية التى لا تتبع فكرا واحدا ولا هدفا واحدا ولا رؤية ولا إدراك لدورها إلا من رحم ربى، اللهم إلا فى نهاية الخمسينات وفترة الستينيات حين تدخلت الدولة فى الإنتاج، لأنه كان لديها مشروع ثقافى وسياسى واجتماعى، ولا مجال هنا لنقاش مدى نجاحه أم فشله، ولكن لو نحينا هذه الفترة جانباً فإن السينما بريئة من ذم ابن الزبال، ولكنها قد تكون مسؤولة عن الصورة السلبية للراقصة خرابة البيوت وسارقة الأزواج مثلاً، أما ابن الزبال وغيره من فقراء المجتمع المصرى فعلى العكس هم دائماً فى وضع البطل الذى يجذب تعاطفنا، فعادل إمام مثلاً صنع نجوميته من كونه الفقير الضعيف، وفاتن حمامة من قبله صنعت اسمها من ضعفها وعوزها، وهل يمكن أن ننسى يوسف بك وهبى وأولاد الفقراء.. مئات من الأمثلة تؤكد أن المجتمع السينمائى لا يطرد الفقراء من الجنة، وأن طبقية المجتمع تعود لأسباب أخرى كثيرة قد يكون أضعفها أو أقلها تأثيراً هو السينما المصرية بأفلامها. إن كثيرا من أمراضنا وأوجاعنا لم تصنعها ولم تساهم حتى فيها السينما هى فقط مرآة لنا فلم نلوم المرآة وننسى من يقف أمامها!