«كل عين تعشق حليوة.. وانتى حلوة فى كل عين» كلمة قالها شاعر مصر الكبير «أحمد فؤاد نجم» فى إحدى قصائده واصفا «مصر»، موحيًا للجميع بأن حب مصر ليس اختيارًا وإنما جبر محبب، فللجمال قوة آسرة، تكبل كل من له عينان تريان الجمال وتتأملان فيه، لكن للأسف حينما يخفت هذا الجمال عن الأنظار يتفرق مدعو العشق ويتنكرون لـ«الجميلة»، إلا أولو العزم من العشاق، فيظلون على عشقهم يناجون حبيبتهم ويتفننون فى وصفها ومناجاتها، لا يبعدهم عنها شىء ولا يفرق بينهم وبينها مفرق، وإلى هذا النوع ينتمى الشيخ «سلطان القاسمى» حاكم إمارة الشارقة والعاشق الأبدى لتراب مصر وتراثها وحضارتها الذى حوله العشق من «أحد العشاق» إلى أحد الأدلة الإنسانية المبهرة على جمال مصر.
عشرات السنين مرت على وجود «سلطان محمد بن صقر القاسمى» الطالب بكلية الزراعة جامعة القاهرة فى مصر، لكن من يسمع حديثه ويتأمل انفعالاته وهو يتذكر مصر وأهلها فسيوقن تمام اليقين أن بلدنا لم يغب عنه يوما واحدا، وأنه ظل محفورا فى وجدانه العامر بالمحبة.
جاء سلطان العاشقين المتيمين بمصر «سلطان القاسمى» إلى أرض الكنانة ليفتتح دار الكتب والوثائق القومية، فاحتفلت به مصر كلها، كما لم تحتفل بأحد، كتب جميع الكتاب من جميع الأطياف السياسية والفكرية مرحبين بقدوم الشيخ الجليل المحب، أذاعت كلمته جميع القنوات الفضائية، تفنن الجميع فى استعراض كلمة صاحب السمو الوطنى، نزلت كلماته بردًا وسلامًا على الجميع، فهمها الجميع وأحبها الجميع، وذلك لأنه يتكلم لغة لا تخطئها القلوب والعقول، يتكلم لغة الحب القادرة على فتح خزائن الروح وإعمار الأفئدة بنسائم النشوة.
لصاحب السمو الشيخ سلطان القاسمى العديد من المشاركات الإيجابية فى تنمية مصر وتطويرها، لكن المدهش فى أمر هذا الرجل أنه كلما أتى إلى مصر ليفتتح أحد إنجازاته أو ليعلن عن أحد تبرعاته استعرض ما يدين به لمصر، وكأنه يقول للجميع إنه لم يأت دائنا بل مدينا، وليعلم الجميع أيضا درسا مفاده أنه ما بين المحبين حساب، ولذلك فقد أصبح من القلائل الذين لا نشعر تجاه عطاياهم بالخجل أو بالريبة، لأننا نعرف أنه «محب» وأنه «متيم» وأنه ابن حقيقى لمصر وإن اختلفت الأوراق الرسمية.
يد تبنى ويد تحمل «الكتاب» هذا هو المنهج الذى يتبعه الشيخ «سلطان القاسمى» فى عطاياه الممتدة لمصر والمصريين، فالقاسمى حينما يفكر فى مساعدة مصر فإن أول ما يفكر فيه هو تدعيم قوتها الناعمة سواء عن طريق رعاية الأدب والتاريخ مثلما حدث فى إنشائه دار الوثائق أو رعاية الأدباء والمثقفين عن طريق منحه 20 مليون جنيه كهبة لاتحاد الكتاب لعلاج الأدباء غير القادرين، ولعل حكومتنا تستوعب هذا الدرس البليغ وتدرك أن قوة مصر الحقيقية تكمن فى أدبها وثقافتها وتاريخها فتعمل بما يحافظ على هذه القوة.