الشرطة التى يريدها المصريون يجب أن تكون عادلة فى الحق ومنضبطة فى تطبيق القانون نصاً وروحاً، شرطة وطنية لا تنتصر إلا للشعب ولا تشهر سلاحها إلا فى وجه من يقاومها بالسلاح، ولا تعمل إلا لوجه الله ومصلحة الوطن وسيادة القانون، وإذا أثبتت التحقيقات المحايدة أن بعض عناصرها قد ارتكبوا تجاوزات، فيجب أن تكون الشرطة نفسها هى البادئ بتطهير صفوفها من الجلادين، وأن تتبرأ منهم وتتوب من أفعالهم، لأنهم أغبياء لم يستفيدوا من دروس 25 يناير، ولم يستوعبوا ما حدث، ويتصورون أن يد العدالة لن تطالهم ولن تقتص منهم، ومن مصلحة النظام أن يُحاسب مرتكبوها إذا وقعت، أو أن يقدم للرأى العام شهادة إبراء ذمة.
فى فرنسا - مثلا - قتل ضابط شرطة أثناء إطفاء حريق فى بناية ضخمة، فتم طبع صورته على «تى شيرتات» وتوزيعها على أطفال المدارس وسرد بطولته وتضحيته، فأصبح بطلا قوميا وقدوة للنشء، وفى مصر تسوء العلاقة بين الشرطة والشعب تدريجيا، رغم التضحيات الهائلة لرجالها فى مكافحة الإرهاب والجرائم المنظمة، ويتم تسليط الضوء على انتهاكات فردية، وإبرازها كسلوكيات ممنهجة للشرطة.. ووأد هذه الفتن فى مهدها ليس بالخطب والشعارات والتمنيات، ولكن بغلق أبواب التوتر والفتنة وأهمها التجاوزات التى تحدث فى السجون ومراكز الاحتجاز.
فالقانون يكفل الحماية التامة للمحتجزين لدى الشرطة، وتوفير الرعاية الصحية والنفسية، وتسهيل مقابلة أقاربهم دون الإخلال بالنظم التى تكفل فعالية الحراسة، وتوفير الغذاء وحمايتهم من الأوبئة والأمراض، وهذه الحماية يجب تفعيلها وتوفير الإمكانيات اللازمة لتحقيقها والمسؤولين عنها، حماية للمحتجزين وأفراد الشرطة فى آن واحد.
والقانون يحدد القواعد النموذجية لمعاملة السجناء واحترام الكرامة الإنسانية والمحافظة على حقوق الإنسان، ويمنع تحويل السجون إلى أماكن للانتقام وتصفية الحسابات، ويمنح النيابة العامة سلطات واسعة فى المراقبة والتفتيش المفاجئ، وهذه القواعد يجب تطبيقها بمنتهى الشدة والحزم، حتى لا تضيع التضحيات النبيلة لرجال الشرطة فى الضجيج والصراخ، فالوطن مستهدف، ومشعلو الحرائق والفوضى على أهبة الاستعداد.