فرض ضرائب على تعاملات البورصة تسبب فى خسائر 100 مليار جنيه
أولى هذه الخطايا – الأكثر تأثيرا على الإطلاق- هى فرض الضرائب على الأرباح الرأسمالية للبورصة والتوزيعات النقدية للشركات، وهى الأزمة التى تسببت فى خسارة ما يقرب من الـ100 مليار جنيه من رأس مال البورصة السوقى منذ الإعلان عن قانون هذه الضريبة فى يونيو 2014، ومع أن السوق استوعبها فى بداية الأمر، على أمل أن تعيد الحكومة النظر فيها خلال تعديل قانون الاستثمار قبل المؤتمر الاقتصادى بشرم الشيخ منتصف مارس الماضى.
إلا أن التعديلات جاءت مخيبة للآمال وقامت الحكومة بإصلاحات كثيرة فى كل القطاعات، ما عدا سوق المال، وهو ما أثار غضب المستثمرين وأشعرهم بأن الحكومة (ممثلة فى كل من وزير المالية هانى قدرى ووزير الاستثمار أشرف سالمان) لا تقدر دور سوق المال فى دعم الاقتصاد، ومنذ ذلك الحين بدأت الخسائر تزداد بشكل كبير، وتعرض الآلاف من صغار المستثمرين لخسائر فادحة، كان نتيجتها قيام شاب بالانتحار أمام المترو بسبب خسارته كل أمواله بالبورصة.
اللائحة التنفيذية لضرائب البورصة كانت غامضة
وما زاد "الطين بلة" هو صدور اللائحة التنفيذية بشكل غامض ولا يستطيع أحد أن يعرف طريقة حسابها وكيف ستُحصل، حتى أن الدكتور محمد عمران رئيس البورصة نفسه، أعلن فى مؤتمر صحفى أن هناك بعض النقاط فى اللائحة التنفيذية للضريبة لا يفهمها هو شخصيا، وهو ما زاد من خسائر السوق بشكل هستيرى، وهرب مئات المستثمرين والمؤسسات العربية والأجنبية خارج السوق تلافيا لاستمرار الخسائر.
السيسى تدخل شخصيا لإنقاذ البورصة
وعمق إصرار وزير المالية على تطبيق الضريبة بشكل صارخ من خسائر المستثمرين وأصبح واضحا للجميع أنه لا تراجع عن هذه الضريبة، مما أصاب المستثمرين باليأس، واستمر نزيف السوق، حتى تدخل الرئيسى السيسى شخصيا، حسب مصادر مقربة من الرئاسة، لحماية البورصة من الانهيار، وهو ما ظهر فى الزيارة المفاجئة لكل من رئيس الحكومة المهندس إبراهيم محلب ووزير الاستثمار أشرف سالمان لمقر البورصة صباح الاتنين ، والإعلان عن تأجيل تطبيق الضريبة لمدة عامين.
قرار التأجيل كان بمثابة بعث روح جديدة فى السوق، واحتفلت البورصة بانتصارها بمكاسب تخطت 20 مليار جنيه فى أول جلسة للتداول بعد القرار.
وثانى خطايا المالية هى رفضها أو تعطيلها حتى الآن البدء فى تداول السندات الحكومية بالبورصة للأفراد والمؤسسات، رغم أهمية ذلك فى زيادة وحجم التداول بالسوق المصرى، من خلال جذب سيولة جديدة للسوق لم تكن موجودة من قبل، أو كانت محصورة التعامل على هذه السندات على البنوك والمؤسسات المالية فقط، مما كان يخرج البنوك عن القيام بعملها الأساسى وهو تمويل الشركات والأفراد من خلال القروض لإقامة أو تنفيذ مشروعاتهم، لصالح شراء سندات الحكومة بفائدة عالية.
رئيس البورصة الدكتور محمد عمران أكد أن جميع الجهات المعنية بتداول السندات وهى البنك المركزى ووزارة المالية والهيئة العامة للرقابة المالية وإدارة البورصة وشركة مصر للمقاصة ووزارة الاستثمار، أبدوا استعدادهم المبدئى لذلك إلا أن بعض الجهات لا تضعها أولوية لها حاليا.
استمرار تأجيل طرح الصكوك يضر بالسوق
أما الخطيئة الثالثة فهى الاستمرار فى تأجيل طرح الصكوك، وذلك رغم أن وزارة المالية أعلنت منذ أيام عن إجراء تعديلات جوهرية على قانون الصكوك، بعد إرسال نسخة من التعديلات للبنك الإسلامى للتنمية لمعرفة رأيها قبيل عرض القانون بصورته النهائية على هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية.
وليس ذلك فقط بل أكد الوزير أنه من المقرر طرح صكوك بنظام الإجارة، اعتبارا من العام المالى 2015/2016 المقبل، إلا أنه يبدو أن الشكل الإخوانى للصكوك مازال كما هو وهو ما يهدد المشروع باستمرار التأجيل.
ومن جانبه، قال محمد صالح، المحلل المال وخبير سوق المال، إن القانون الخاص بالصكوك به الكثير من العوار القانونى، خصوصا ما يتعلق بالسماح للهيئات والمحافظات بطرح صكوك لتمويل مشروعات بها وهو ما يمكن أن يكون بابا للاستيلاء على أصول الدولة إذا لم تستطع هذه المشروعات تسديد قيمة الصكوك وأرباحها مثلا، وهو سبب رفض المشروع الذى تقدمت به جماعة الإخوان بشأن الصكوك من قبل.
يجب أن تكون الدولة هى المصدر الأساسى لإصدار الصكوك
وأكد صالح أنه رغم أهمية وجود هذه الآلية فى السوق المصرى، فإنه يجب أن تكون ضمن قواعد وضوابط تحافظ على أصول الدولة وحق الدولة والشعب فى امتلاك أصوله وعدم السماح بالتفريط فيها مهما كانت الأسباب، كما أنه يجب على الدولة أن تكون هى المصدر الأساسى لإصدار هذه الآلية وصاحبة الحق الوحيد فى ذلك لتمويل المشروعات الحكومية من خلال إطار تشريعى وقانونى يتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية ويتلافى الأخطاء السابقة فى القانون.
وأضاف صالح أن القانون الذى أعده الإخوان لطرح الصكوك كان يسمح للمحافظات وهيئات الدولة طرح صكوك بضمان الأصول، التى تملكها وهو ما كان موضع انتقاد شديد شعبيا عندما تم طرح فكرة إصدار صكوك لتنفيذ مشروعات فى عهد الإخوان.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة