تعالوا نعترف ونقر أمرا واقعا على الأرض، ولا ندفن رؤوسنا فى الرمال كالنعام، ونعلنها صراحة، أن دولة البلطجة أصبحت فوق دولة القانون فى مصر، وخطرا داهما يفوق خطر الإرهاب التى تتعرض له البلاد حاليا.
دولة البلطجية، تزلزل أمن المواطنين فى مختلف القرى والمدن والمحافظات المختلفة، بعنف، وتهدد أرواحهم وممتلكاتهم، فى غياب واضح للشرطة، وعدم تحركها، وارتعاشها وخوفها، وتراجع دورها الأساسى.
وليس أدل على ذلك من صرخة المواطنين فى منشية ناصر، وطلبهم النجدة من المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء، أثناء زيارته يوم السبت الماضى للمنطقة، وقالوا له نصا: «يا رئيس الوزراء بنعانى من البلطجية فى فرض الإتاوات، والتحكم فى كل شىء بما فيها أسعار أنابيب البوتاجاز».
رئيس الوزراء كان رد فعله، أنه كلف مسؤولى الأمن المرافقين له فى جولته قائلا: «هاتولى البلطجية دول مفيش حد يقدر يهدد المواطنين الآمنين».
وأقول لرئيس الوزراء، البلطجية ليس فى منطقة منشأة ناصر والدويقة فقط، ولكن البلطجية يعيثون فى الأرض فسادا، على كل شبر فى مصر، وأن وزارة الداخلية، لا تتحرك، رغم آلاف البلاغات المقدمة فى كل مراكز الشرطة المنتشرة على مستوى الجمهورية، يستغيث مقدموها بالأمن من البلطجية دون جدوى، وأن تحرك الشرطة فقط عند سقوط ضحايا، ونقل الجثث إلى المشرحة والمصابين إلى المستشفيات.
مئات الفيديوهات على الإنترنت ترصد بالصوت والصورة جرائم البلطجية، بكل أنواعها من قتل وسحل وخطف، والاتجار فى المخدرات والأسلحة علنا فى الشوارع، تحت سمع وبصر الشرطة، وأن هذه الفيديوهات عبارة عن نقطة فى محيط.
ونرجو ألا يخرج علينا مسؤولا بوزارة الداخلية يعدد لنا حجم الجرائم التى اكتشفوا لغزها، وأعداد البلطجية التى تم القبض عليهم، لأن العدد فى الليمون، فمعظم البلطجية والمجرمين الذين تم ضبطهم، لعبت الصدفة فيها دورا محوريا، وليس نتاجا عن جهد رجال المباحث.
وزارة الداخلية تركت البلطجية يعيثون فى الأرض فسادا، وتفرغت فقط، لملاحقة الجماعات المتطرفة، وهنا سطرت فشلا كبيرا أيضا، وأن أفكار وأداء المتطرفين أكثر مهارة وسرعة من رجال الشرطة.
نقولها والألم يعتصرنا الشرطة تركت الغلابة فى النجوع والكفور، والمناطق الشعبية، والعشوائيات، للخضوع والخنوع لقوانين دولة البلطجية، وارتكاب كل الجرائم من قتل وسحل وخطف واغتصاب، وابتزاز وفرض أتاوات، ولا تسجيب لصرخة مظلوم واحد، أو يتحرك ضابط من مكتبه لإنقاذ مواطن أوقعه حظه العاثر فريسة لبلطجى.
الداخلية بإهمالها ملف البلطجية، الأخطر من ملف الجماعات المتطرفة، إنما تدفع البلاد إلى منزلق خطير، بشائره، أخطر من يوم جمعة الغضب 28 يناير 2011، وهو اليوم الأسود الذى عاشت فيه مصر، حالة من الرعب والخوف لم تشهده عبر تاريخها الطويل والمتجذر فى أعماق التاريخ.
تغلغل، وازدياد نفوذ دولة البلطجية خطر داهم على النظام، يفوق خطورته، ما ترتكبه الجماعات التكفيرية والظلامية من جرائم إرهابية، وستتوحش هذه الفئة الخارجة عن القانون، لتنقلب ضد دولة القانون، وعندها لن تتمكن المؤسسات الأمنية من كبح جماح المخاطر الجسيمة للبلطجية، وستخضع لابتزازها، وقوانيها الإجرامية، وهنا بداية الفوضى الحقيقية.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة