سامح جويدة

ابنتك وابن عامل النظافة!

الثلاثاء، 19 مايو 2015 12:31 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
استقال السيد وزير العدل أو أقيل فهدأت النفوس واطمأنت القلوب وارتاحت الضمائر وكسبنا صلاة النبى، وكالعادة احتفلنا بالقضاء على (بيضة) التنين وغفلنا عن التنين نفسه، وكأن كل هذا الغضب بسبب التصريحات والتلميحات المهينة لأبناء عمال النظافة والبسطاء وطالما الرجل استقال واعتذر فلا ضرر.

لم نحاول كمجتمع ودولة أن نكشف عن هذا الجرح العميق ونعالجه بل أخرجنا كل (قرفنا) على من ضغط عليه فوجعنا. وغطينا الجرح مرة أخرى على صديده ودمويته وقفلنا الموضوع ونحن نضحك منتصرين، مصيبتنا العظمى هى كذبنا على أنفسنا، قدرتنا الهائلة على تناسى الألم والوجع والاستمرار بالمسكنات مدى الحياة، ولكن أى حياة هذه التى نعيشها فى مجتمع طبقى عنصرى تحكمه أفكار متخلفة منذ آلاف السنين حتى وصل إلى ما هو عليه من انقسام وتشرذم وعنف. طبقات وفئات اجتماعية تتنوع باختلاف التعليم والثقافة والبيئة ومعالم الغنى والفقر تتبادل نظرات الاشمئزاز والنفور والازدراء. أقلية تنظر لأغلبية بقرف وتأفف وأغلبية تنظر لأقلية بغل وحقد، رغم أن العالم يصنفنا جميعًا درجة ثالثة (فضل وبواقى الحضارة). أكثر سؤال تردد بيننا بعد تصريحات الوزير(هل ترضى أن تزوج ابنتك لابن عامل النظافة؟) وكأن الوظائف العامة مثل الزواج فيها (خيار وفقوس) أو أن بعض الوظائف مثل بعض العائلات تشترط القرابة فى النسب؟ وحينما ترد عليهم بأهمية العدالة الاجتماعية والمساواة وتكافؤ الفرص يضحكون فى استهزاء قائلين (طيب يا عم روح قعد الشغالة على سريرك واحضن الزبال وبوس البواب)، ولا أفهم ما هى العلاقة بين العدالة الاجتماعية وهذه الطلبات المريبة! فليس عليك أن تقبل ابن الغفير أو تحضن ابن الوزير لأن ليس لهما ذنب أو فضل فى هذا أو ذلك، ولكن إنسانيتك تحتم معاملة كلاهما على أنهم بنى أدمين لهم نفس الحقوق فى التعامل والسلوك، لكن مواجهة الأول باحتقار دائم والانحناء للآخر بتقديس زائف لا يمكن أن يصنع مجتمعًا سليمًا، ثم اقلب الأوضاع وانظر إلى الصورة.. هل تتصور أن يعاملك المجتمع بهذه القسوة والاحتقار لمجرد أنك ابن أسرة بسيطة أو أبوك عامل فقير؟ فحينما تتأكد أن العلم والاجتهاد والتفوق لن يدعموك فى هذا المجتمع الجاحد لن يكون غريبًا أن تختار طريق العنف والفساد وربما الإرهاب، فالمجتمع إذا لم يحتضن الطموحات المشروعة لأبنائه البسطاء ويمنحهم المساواة والكرامة يتحولون إلى قنابل موقوتة.. فما بالك لو كانوا الأغلبية؟









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة