«الإخوة يحكون قصة فى وسط القاهرة عندما عرفوا أن هناك مكانا اسمه شارع الملحدين، فذهب 5 من إخواننا إليه فرجعوا يقولون ينبغى أن نسمى هذا الشارع شارع الضياع»، وقد تبين لهم أن الملحدين لهم موعد يتلقون فيه يكون بعد منتصف الليل، قهوة الملحدين وشارع الملحدين، وحزب الملحدين ومواقع الملحدين وقنوات للملحدين شىء عجيب!
هكذا قال الشيخ ياسر برهامى، نائب رئيس الدعوة السلفية والمرجعية الدينية الأهم لحزب النور السلفى، فى جلسة مسجلة نشر مضمونها الزميلان كامل كامل وأحمد عرفة، بجريدة «اليوم السابع» أمس الأول، فضحك كل من قرأ الخبر، وكل من سمع التسجيل، وكل من سمع عنه، حتى تعب الضحك من هذه العقول الخاوية التى تتربع على عقول أكثر خواء فتفعل بها الأفاعيل. وفى ظنى أن كل من سمع «برهامى» من طلابه ومريديه حلم باليوم الذى يزور فيه «شارع الملحدين» ليس على سبيل «الاستطلاع»، وإنما فى سبيل «الاستشهاد»، فليس بعد إذكاء روح التعصب والاحتفاء بالتلصص على «شارع الملحدين» سوى الحلم بالإجهاز على هذا الشارع ومرتاديه.
الشيخ السياسى المحنك لم يجد شيئا ليثبت به غيرته على الدين غير التباهى بإرسال السفراء إلى الشوارع الآمنة، من أجل تفتيش عقول من فيها، ولست أعرف كيف أنجزت هذه المهمة، وكيف تخفى «الإخوة» حتى يحصلوا على هذه المعلومات المهمة عن أماكن تجمع الملحدين وعاداتهم ولقاءاتهم بعد منتصف الليل، كما لا أعرف كيف استعد «الإخوة» لهذه المهمة الجهادية المرتقبة، وهل احتاطوا قبل أن يذهبوا إلى مهمتهم بالتحصين من مكر الملحدين، وأفعال شيطان الرجيم أم لا؟ وهل اجتازوا الدورات التدريبية للتعرف على الملحدين من بين البنى آدمين أم اعتمدوا على فراستهم؟ وهل أتقنوا «اللغة الملحدية» ضمن برنامج إتقان التخفى قبل أن يقوموا بالمهمة أم لا؟ والأهم من هذا كله: كيف عرفوا مكان «شارع الملحدين» من بين كل الشوارع المصرية، ومن أين حصلوا على الخريطة السرية التى تصف هذه الأماكن وقد أخفاها «راسبوتين» من عشرات السنين؟
نعم، بتصريحات برهامى الكثير من الكوميديا، لكنها كوميديا مؤلمة، تكشف كيف يفكر أهم قيادى فى أحد أهم الأحزاب المصرية، وتكشف أيضا ما وصلنا إليه من تدهور سياسى وأخلاقى ودينى، فما يفعله «الشيخ» و«إخوته» نسخة حديثة من محاكم التفتيش، وما يزيد من خطرها هو أن هناك العديد من الجماعات الإرهابية التى تتلقف مثل هذه التصريحات لتثبت وجودها على الأرض، ولا أستبعد أن تقع فاجعة فى الأيام المقبلة بالشارع الذى اختلقه برهامى وإخوته تحت زعم أنه «شارع الكفار»، فقد علمتنا سنوات الإرهاب أن هؤلاء المجرمين يعيشون على أوهام «تغيير المنكر» باليد، ولا يفكرون أبدا بأن يغيروه بالقلب أو حتى باللسان، ناهيك عن أنهم لا يسألون أنفسهم هل هناك منكر فى الأساس أم لا؟