أما بعد، فقد بلغنى أن الصديق الأستاذ يوسف الحسينى تناول ما كتبته عن الإعلام والرئيس، وقال: إنه اختلف مع ما كتبت وهذا حقه، وبحثت عن المقطع على يوتيوب، ووجدت أن الأستاذ يوسف تصور أننى طالبت بوقف المعارضة للرئيس، وهو ما لم يكن صحيحا، ورأيت أنه انطلق من مقدمة خاطئة إلى نتائج ليست صحيحة.
ما كتبته رصدا لانتقادات ظاهرها أنها ضد الرئيس، وناتجها أنها مجرد ترديد لكلام ومناقشات على مواقع التواصل، تماما مثلما جرى بعد 25 يناير حيث خضع إعلاميون كثيرون لتيار هلامى كئيب، وتصوروا أنهم يجب أن يقولوا كلمة «ثورة» ألف مرة ليصبحوا ثوريين، تاهوا وتوهوا معهم جمهورا راهن عليهم، وإن كان بعضهم حقق أرباحا معتبرة من الاتجار الإعلامى بالثورة، وهؤلاء يعرفهم يوسف جيدا، يضاف إليهم إعلاميون كانوا من خدم مبارك، بقدرة قادر تحولوا إلى مناضلين ومقموعين، مع أنهم ربحوا وتربحوا من العلاقة مع مبارك، وركبوا قطار الثورة، ونجحوا فى النجاة من تهمة الفلولية، وفكوا الأحزمة بعد أن طارت الطائرة، وبعضهم عاد ليلعب دور «تاتش معارضة» ليحتفظ بفيديوهات يعارض فيها النظام لزوم «النضال السيلفى».
واللافت أن بعض ممن هاجموا وانتقدوا كانوا يبررون أخطاء أكبر مما ينتقدوه اليوم، وهذا التطرف هو ما خلق تيارا يراه الزملاء ضمن خطة ومؤامرة، وهو أمر غير صحيح، لكنه نتاج للتطرف فى النفاق والمزايدة، وحالة استقطاب وعشوائية إعلامية صنعت منصات كاذبة.هيستيريا التأييد والمعارضة، وفى كلا الحالتين لا يصدق المشاهدون حالى مصطنعة.
وإن كان الصديق يوسف الحسينى يعارض أو ينتقد، فهذا حقه ودوره، والخلاف فى الرأى وارد، والأمر ليس معركة يجب أن يخرج فيها طرف منتصرا بالضربة القاضية، لكن من حق المشاهدين أن يسخروا ويندهشوا من زملاء تتلبسهم حالة «العلم اللدنى»، كثيرا ما يفقرون للمعلومات، وبعضهم كان يتصور أن الرئيس سوف يصحو كل صباح ليحادثه ويصبح عليه ويسأله عن رأيه فى كل الشؤون.
ولو كان كل طرف «يشتغل شغلته»، لكنا أفضل حالا، بمعنى أن الإعلامى دوره البحث والمناقشة، وتحليل الحدث من أصحابه، والسياسى يعمل فى حزبه أو فى الشارع يطرح برامج وينظم تدريبات لأعضائه وكوادره، ويستعد للانتخابات. لكن ما جرى أنه حدث تبادل أدوار، واختلط الحابل بالنابل، والطالع بالنازل، والثورى بالفلول، وألقى بعض الإعلاميين الخطابات السياسية، وقدم السياسيون برامج، وتراجعت صورة الإعلام والسياسة، وهو ما يفترض أن يبحث عنه الزملاء، ونكرر أن دور الإعلام ليس التأييد أو المعارضة، وإنما الوعى، ونشر الأمل، وليس رش الاكتئاب. وبالمناسبة، فإن الناس العاديين أصبحوا يفرقون جيدا بين الحالانجى، والحقيقى، وتدربوا جيدا خلال أربع سنوات على التفرقة بين الحقيقى والفالصو.