منال العيسوى

ليلى إسكندر.. إلحقى آخر أتوبيس للجنة

الخميس، 21 مايو 2015 08:05 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تابعت ما قيل عن الدكتورة ليلى إسكندر، وزيرة التطوير الحضرى، والوزيرة السابقة للبيئة، وما تردد عن إهانتها للصعايدة، والدعاوى القضائية التى أقيمت ضدها للمطالبة بإقالتها ومطالبة رئيس الوزراء باختيار وزراء وطنيين، وتعجبت بالفعل لما قيل ويقال.

بحكم عملى فى متابعة ملف البيئة والمجتمع المدنى والعشوائيات كنت أعرف جيدا ليلى إسكندر الفتاة الصعيدية التى خرجت من محافظة المنيا وتلقت تعليمها فى مدرسة الإرسالية البريطانية، ثم حصلت على بكالوريوس الاقتصاد والعلوم السياسية من جامعة القاهرة، وتزوجت وهاجرت مع زوجها إلى الولايات المتحدة عام 1968، واستقرت بولاية كاليفورنيا.

وانفردت بنشر سيرتها الذاتية التى لم يكن يعرفها أحد عنها وقت اختيارها وزيرة للبيئة ووكان أول تعليق منها لى "جبتى منين السيرة الذاتية دى أنتى بتشتغلى فى المخابرات وضحكت".

أعرف أنها اختارت طريق الفقراء والمهمشين للعمل معهم للارتقاء بهم ولتغير نظرة المجتمع لهم فلم يكن اسمها من الأسماء المعروفة فى دوائر عالم المال والأعمال والاقتصاد، مثلما كان معروفًا بين سكان أحد أفقر الأحياء المصرية وهو حى "الزبّالين" بالمقطم، الذى أمضت فيه خمسة عشر عامًا تُطَبِّق فيه خبرتها ودراستها الأمريكية فى التعليم على أبناء الزبالين، من خلال إحدى الجمعيات الأهلية كانت تعمل معهم بروح من يخدم بلا مقابل سوى أن يرى ثمرة لما يزرعه فى الارتقاء بالبنى آدم واختارت اكثرهم قله حظ فى التعليم والعمل والسكن فاختارت العشوائيات وجامعى القمامة وقررت أن تصنع شيئًا لهم ولأبنائهم.

لم تكن تعرف ليلى إسكندر أن الطريق الذى اختارته سيكون نهايته أن تصبح وزيرة لمرتين وأنه سيأتى يوما عليها وتتهم بأنها تهين الصعايدة.

حين تستمع للدكتورة ليلى وهى تنفر من كلمة "زبال" وتمتعض حين يرددها أحد أمامها مشددة عليه أن اسمه "عامل نظافة، أو جامع قمامة" ستعرف وقتها فقط أنها تعرف قيمة الإنسان وتحترمه.

على مدار الفترة التى عملت فيها ليلى إسكندر بوزارة البيئة ووزارة التطوير الحضرى الكل يمكنه أن يعرف نهمها بحى الزبالين ورغبتها الكبيرة فى تطوير المنطقة والارتقاء بكل من يعمل فى مهنة جمع القمامة وكيف كرست وقتها ومجهودها وهى وزيرة للبيئة لتغير نظرة المجتمع لهذه الفئة التى بالمناسبة جميعهم أيضا من الصعيد وسكان العشوائيات.

ليلى إسكندر وهى وزيرة للبيئة كانت تكبل يدها القوانين واللوائح والمصالح والبيروقراطية وتضارب المصالح ومافيا رؤوس الأموال وكان عليها أن تقوم بدورها كوزيرة بعد اختيارها لأنها كانت دائما تقول "دا تكليف عشان بلدى وعشان الناس لازم أكون فى موقعى وأعمل كل اللى أقدر عليه".

خلال عملها كوزيرة ، كنا نرى جميعا كيف كانت تصدمها القوانين واللاوائح والبيروقراطية والروتين فى إدارة الملفات فبالتأكيد الإدارة وأنت وزير تختلف تماما عن الإدارة وأن تعمل بين الناس بالحب فقط فهذه نقرة وهذه نقره أخرى، ومعادلتان مختلفتان، فكانت تحاول عمل الموازنة بين المعادلتين، ولاقت كثيرا من التعليقات السلبية على ذلك بترديد عبارة "هية ما تعرفش غير الزبالين ومنشية ناصر ومنظومة الفصل من المنبع" نعم فهؤلاء حبها الأول الذى عاشت معهم وشاركتهم أفراحهم وأحزانهم ودخلت بيوتهم وأكلت معهم وزوجت بناتهم وشغلت أبناءهم طبعا قبل ما تبقى وزيرة.

ليلى إسكندر التى كانت تدير مجاميع العمل فى عشوائيات منشية ناصر ودربتهم على مشاريع التدوير منذ 15 سنة فى وقت لم يكن يعرف أحد شيئا عن هذه المشروعات لتساعد الزبالين وأبناءهم على إنشاء شركات وكيانات اقتصادية لتدوير القمامة لتحويلهم من "زبالين" لرجال أعمال أفنت حياتها للعمل مع هؤلاء وقادها حظها العثر نعم العثر لأن تصبح وزيرة.

وحين تولت ملف العشوائيات والتطوير الحضرى ظنت أنها ستكمل مع هؤلاء منظومة الارتقاء بهم وتنمية الإنسان قبل المبانى لكن للمرة الثانية تصدم باللوائح والقوانين وردود المسئولين وكافة المعوقات التى تكبلها للمرة الثانية.

أنا لا أدافع عنها لأنها لا تحتاج من يدافع عنها فهناك ألف لسان ولسان يعرفون الإنسانة التى بداخلها ويدركون تماما أنها لا يمكن أن تهين أحدا، لكنى اليوم أطالبها بتقديم استقالتها ليس بغرض التشكيك فى وطنيتها، أو بدافع أننى أصدق أنها أهانت الصعايدة لكن لأننى اعرفها جيدا وأعرف كيف أفنت عمرها فى خدمة الزبالين بمنشية ناصر فى المقطم ومدى حبها للصعايدة التى تشرف دائما بأنها منهم، ولكن أطالبها بتقديم استقالتها لتعود إلى هؤلاء وتكمل ما بدأته معهم وتخدمهم كما كانت تفعل فأدواتها وخططها على الأرض ومحبتهتم لها والثمار التى بدأت تطرحها أشجار عملها وهى صاحبة مؤسسة مجتمع مدنى تختلف كثيرا عنها وهى وزيرة والعيب ليس فيها وإنما المعايير تختلف والإدارة تختلف والقوانين جامدة تهدم أكثر مما تبنى، ولا مكان للحب والقيم داخل دواوين الوزارات وإنما تبقى النميمة وتصيد الأخطاء وتهويل المواقف والكلمات هو المسيطر وهى تخسر.

أعرف جيدا معالى الوزيرة الإنسانة إنه ليس من طباعك الانسحاب أو الانهزامية وأنكِ سعيدة بكونك فردا من حكومة وطنية تسعى لخدمة المواطن وأنت لديكِ رصيدك فى خدمة المواطنين البسطاء الصعايدة والزبالين فعودى لهم واكلمى ما بدأتيه فما يمكث فى الأرض هو الخير الذى بدأتيه منذ 15 عاما والمناصب تشوهها الأصوات المغرضة فالحقى بآخر أتوبيس للجنة واستقيلى.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة