تابعت بشغف تصريحات وزير العدل السابق والحراك الفكرى الناشئ بعد هذه التصريحات وخاصة على مواقع التواصل الاجتماعى، والرفض الشعبى لهذه التصريحات التى وصلت للمطالبة بإقالة الوزير، وسعدت جدا بالإقالة أو الاستقالة لأنها فى اعتقادى أتت تحت ضغط شعبى رافض لتصريحات الوزير.
سعادتى تمثلت فى صوت الناس الذى أصبح يسمع وتذكرت دعوتنا لإضراب 6 إبريل 2008 التى تضامنا فيها مع عمال المحلة، وقد ذكرت وقتها أن هدفى من الدعوة ليس زيادة الدخل أو خفض الأسعار، فهذا لن ولم يحدث فى ليلة وضحاها، ولكن هدفى الحقيقى هو أن تستوعب الحكومة أن هناك شعبا وأنها لا تحكم نفسها، وهذا الشعب لابد أن يكون له رد فعل، وأن يسمع صوته فى حالة اتخاذ قرارات غصبا عن إرادته.
ورغم كل هذا التراجع فى مستوى الحريات والحقوق الإنسانية والديمقراطية فإننى أيقنت أن صوت هذا الشعب سيظل القوة الحقيقية المؤثرة مهما اختلفت الأنظمة، وأن وسائل التعبير والتغير السلمى ستظل الأعلى صوتا والأكثر تأثيرا حتى لو لم تعبر عن حال الأغلبية، فإنها تعبر عن حال من أطلق عليهم الكتلة الحرجة، وهم من لهم صوت ولن يصمتوا بل يسعون أن يسمع هذا الصوت ويأخذ به فى الاعتبار.
وأتمنى أن تكون إقالة أو استقالة وزير العدل رسالة ليس فقط لوزير العدل ولكن لكل إنسان يأخذ من الطبقية والعنصرية منهجا فى حياته وأسلوبا لتقدير الآخرين، وأن يكون استيعابا جيدا للمعنى الحقيقى للمساواة وعودة لقيم التقييم بمعايير التأهيل والكفاءة فقط لا غير دون النظر للحسب والنسب.
فالتغيير الثقافى المجتمعى ضرورى أن يحدث من خلال سلسلة حملات بهذا الشكل وألا تتوقف الحملة عند فقط معاقبة مسؤول أخطأ ولكن تكون امتدادا لتغيير موروث ثقافى طبقى لابد أن نهزمه بقيم نطبقها يوميا فى حياتنا، وهى قيم المساواة والعدل التى غابت وتراجعت مؤخرا بشكل غير مقبول. وكما أشار الفنان خالد النبوى فى تغريدة له بعد الإقالة والتى لخصت كثيرا مما يجب أن يقال فى هذه القضية «إذا كان الموضوع هو وزير العدل فقد استقال وانتهى الحوار، أما إذا كان الموضوع هو ثقافة تحكم المجتمع فقد بدأ الحوار».
والأهم هنا أن نغير هذه الثقافة التى تحكم المجتمع ونعترف أن الإقالة لن ولم توقف منع تعيين أبناء عاملى النظافة فى سلك القضاء. فالموروث الثقافى والمجتمعى والجهاز الإدارى للدولة لن يتغير بتغير وزير أو مسؤول ولكن يحتاج أن نتغير كلنا معا فى سلوكنا أولا ونغير هذا الموروث الثقافى ونستبدل تقييم البشر حسب نسبهم وأصلهم ومحسوبيتهم والواسطة التى يأتون بها بتقييم من نوع آخر، بتقييم إنسانى عادل قائم على معايير الكفاءة والمؤهلات.
فالتغيير الحقيقى لا يأتى بإقالة فلان أو علان بل من تغيير أنفسنا واستبدال ثقافات تحكمنا من الزمن البائد بثقافات تناسب إنسانيتنا وتقوم على مبادئ وقيم العدالة والمساواة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة