كيف وصلنا إلى هذا الحال؟ صفحات الحوادث تخرج علينا كل يوم بعشرات الجرائم الغريبة التى لا يصدقها عقل، جرائم تؤرخ لمرحلة انحطاط لم نقرأ عن مثلها من قبل فى التاريخ، علماء الاجتماع لا شك عجزوا عن تفسير الخلل، وأيضا رجال الدين، لم يعد الواحد حريصا على قراءة التفاصيل، حتى لا يصاب بإحباط إضافى، سيحدثك عقلاء الأمة من المحافظين عن الانفلات الأخلاقى، ويحدثك الأغنياء عن ما يفعله الفقر فى البشر، وسيتهم محللو الفضائيات الأسرة الغائبة وتفشى المخدرات، وستكتفى أنت بمتابعة ما يحدث وقلبك مقبوض وخائف، واقعة تعرض معلمة لمحاولة اغتصاب جماعى فى مدرسة إعدادى فى الجيزة فى الأسبوع الماضى، تكشف عن حجم الكارثة، طلاب العلم يعاقبون مدرستهم، لأنها لم تسمح لهم بالغش فى مادة «الدين» فى بلد يحارب التطرف الدينى، عشرون من طلاب العلم صغار السن يمزقون ملابس «الأبلة» على السلالم، ويضربون معلما تجاوز عمره الخمسين، لأنه حاول إنقاذ زميلته من أيدى طلابه، ألقوا القبض على اثنين فقط من تلاميذ مدرسة طلعت حرب بالكنيسة محافظة الجيزة، الطلاب لم يكتفوا بما فعلوه فى المربية الفاضلة التى رفضت الغش، ولكنهم فور خروجهم من المدرسة انهالوا على المعلمين وعلى زجاج المدرسة بالحجارة، وحطموا عددا من النوافذ، وروعوا المعلمين، الإدارة خافت على أوراق الإجابة فأرسلت لها سيارة وتركت المدرسين، الطريف فى الأمر أنه فى اليوم التالى ذهب مدير الإدارة التعليمية إلى موقع العمليات بصحبة ضابط ومجندين، وطبطب على طالب من المتهمين وهو يمتحن، وقال له «حل الامتحان يا حبيبى وما تعملش كده تانى عيب»، الدكتور محب الرفاعى وزير التربية والتعليم قال للصحف: إنه ستتم محاسبة رئيس اللجنة ومدير الإدارة لتقاعسهما فى الواقعة، وعدم تحرير محضر وعدم اتخاذ إجراءات ضد الطلاب، نحن فى لحظة مظلمة من التاريخ، لحظة فشل تام، تم امتهان المعنى والنبل والعلم نفسه، فشل الدولة فى حماية المعلمين، فشل أولياء الأمور ووزارة التعليم فى التربية، فشل القانون، فشل رجال الدين.. يعوض ربنا.