فى الوقت الذى كان الرئيس عبدالفتاح السيسى يحذر فيه من محاولات إخضاع المنطقة العربية لتيارات العنف والإرهاب وإغراقها فى بحر من الدم والصراع الطائفى والمذهبى فى كلمته أمام منتدى دافوس بالأردن، كانت تفجيرات الإرهاب تضرب وبعنف فى أحد مساجد الشيعة فى محافظة القطيف بالمنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية، أزهقت ارواح أكثر من 20 مسلما شيعيا أثناء تأديتهم لصلاة الجمعة وتناثرت أشلاؤهم وسط ترحيب من تنظيمات إرهابية تحاول تنفيذ مخطط إشعال فتيل الحرب الطائفية والمذهبية فى المنطقة العربية.
تفجير الطائف يعنى أن السيناريو الأول لواشنطن وأتباعها فى المنطقة بتصعيد تيارات الإسلام السياسى إلى سدة الحكم فى دول ما يسمى «بالربيع العربى» قد فشل، والآن تتم محاولة تنفيذ السيناريو الآخر وهو زرع الفتنة المذهبية بين المسلمين فى المنطقة، شيعة وسنة، وهو أحد السيناريوهات الجهنمية لنظرية «الفوضى الخلاقة» فى المنطقة العربية التى رفعت رايتها واشنطن قبل غزو العراق فى 2003 وتفتيت المنطقة وتقسيم الدول الوطنية القديمة والكبرى فيها إلى دويلات صغيرة لعرقيات وطوائف، لتحقيق المصالح الكبرى لإسرائيل فى المنطقة.
السعودية الآن فى الواجهة، وسواء أعلنت داعش أو غيرها عن مسؤوليتها عن هذا الحادث الإرهابى الجبان فيجب علينا أن نسأل: من يقف حتى الآن وراء دعم هذه التنظيمات الإرهابية والتغاضى عن توسعها وتمددها فى المنطقة؟ ولحساب من تعمل هذه التنظيمات؟ الولايات المتحدة بآلتها العسكرية الجبارة لا تستطيع حتى الآن القضاء على « داعش»، وتتلكأ وتتباطأ فى إمداد العراق بالسلاح والعتاد اللازمين لمواجهة التنظيم المسلح، وهو اللغز غير المفهوم حتى الآن والذى يكشف فى كل مرة عن نوايا واشنطن فى المنطقة والسماح لهذه التنظيمات، سواء داعش أو القاعدة أو غيرهما بممارسة أقصى درجات الإرهاب ضد دول المنطقة، ثم هناك إيران أيضا التى كشفت عن نواياها الحقيقية فى العراق وفى اليمن وتسعى بدورها بعد التوافق الإيرانى الأمريكى إلى تحقيق أحلامها فى المنطقة.
نعود ونشير لما قاله الرئيس السيسى فى دافوس، فالمنطقة العربية تواجه أخطر التحديات، وتفجيرات السعودية لن تكون الأخيرة وإذكاء نار الفتنة المذهبية هو السيناريو الأسهل الآن، وعلى الأنظمة العربية القوية فى المنطقة وعلى الشعوب العربية الانتباه للمخطط، فالحرب القادمة حرب شيطانية بتدبير شيطانى.