عمر الشريف مستغرقا فى التفكير
داخل الفندق المقيم به فى الجونة يقضى عمر الشريف حياته، فهو لا يعيشها كما اعتاد بل "يتفرج عليها"، وربما لا يتذكر مما دار على مسرح حياته شيئا، فالحياة التى يحياها اليوم لا يربطه بها ما يربط الناس بحياتهم من أمل ويأس أو راحة وعذاب، لكنها حياة لا يتحرك فيها ولا يشعر بمن حوله بل ينظر إلى شريطها الزمنى ودورانه فقط، فالأجيال التى تربت على فن عمر الشريف لا تصدق أن هذا الرجل الذى أثار الجدل فى العالم تنتهى حياته وحيدا منعزلا عن البشر، يخاف يقترب منه الناس لعصبيته، وعندما يقتربون لا يصدقون، ويضربون الأكف، مرددين: "هو عمر الشريف بقى كده؟!".
شاردا ووحيدا
النجم العالمى الذى ملأ الدنيا حبا ورومانسية، يقف الآن على حافة الغروب، بعدما تجاوز عمره حاجز الـ83، تراقبه عيون "الحراس" فى الفندق، بعدما أصبح لا يعلم من حوله ولا من هم أصدقاؤه المقربون، ينفعل من أى شىء، ومن أقل شىء، ومن كل شىء، ولا يتذكر فى حياته سوى شكل البحر الجميل الذى دائما ما ترنو عيونه إليه.
يجلس بأحد فنادق الجونة
عمر الشريف.. النجم العربى الأوحد الذى حقق شهرة فى السينما العالمية، تتشابه حياته مع بيت الشعر "مسافر زادهُ الخيالُ والسحر والعطر والظلالُ، ظمآن والكأس فى يديه والحب والفن والجمالُ"، فالنجم العالمى الكبير عاش حياته معطاءً للفن، للحب، للجمال فى كل صوره سواء كانت امرأة، لوحة، أو فيلما سينمائيا، ولف العالم كـ«الرحّالة» وقدم أهم التجارب فى السينما العربية والعالمية منها الشاب الثورى فى فيلمه «فى بيتنا رجل»، والبحّار فى «صراع فى الميناء»، والثرى فى «سيدة القصر»، والخجول فى «إشاعة حب»، والمتمرد فى «غرام الأسياد»، والقائد الثورى جيفارا فى «تشى جيفارا»، وجنكيز خان وزيفاجو، واحتل فيلمه لورانس العرب المركز الـ31 فى قائمة أعظم 301 فيلم فى تاريخ السينما العالمية.
فى نهاية 2014 اختار عمر الشريف بعد هذه الرحلة الطويلة التى جاب خلالها الدنيا بطولها وعرضها، أن ترسو سفينته على شاطئ وطنه مصر، ليدفن بها، ويعيش فيها "بقية عمره"، لكن الضجيج والزحام الذى لم يعتد عليه جعله لا يطيق الجلوس فى القاهرة طويلا واتجه للجونة.
ويبدو أن شهرة النجم العالمى الواسعة، أصبحت "نقمة" عليه فى أواخر حياته، فأينما اتجه تطارده العيون والنظارات وعدسات المصورين، ولا يتركون الرجل يعيش حياته كما يقال "مع نفسه"، وربما يأتى ذلك لشهرته الكبيرة، حيث ذكرت صحيفة صنداى تايمز البريطانية، إن النجم المصرى الشهير أصبح "يجد صعوبة فى تذكر ما فعله أمس، ناهيك عن تذكر فترة تألقه فى هوليوود"، ونقلت الصحيفة عن ابنه الوحيد طارق الشريف قوله إن أبى "يكون فى بعض الوقت فى حال أفضل، وفى أوقات أخرى مرتبكا للغاية".
وقال طارق إن والده لم يعر انتباها عندما أخبره فى يناير بوفاة أمه فاتن حمامة - الممثلة التى اعتنق الإسلام كى يتزوجها عام 1955، لكنه بعد أيام قليلة سأل "كيف حال فاتن؟".
وكانت "اليوم السابع" أول من انفردت بنشر صور النجم العالمى فى الجونة وحوله "حارسا" يراقبه أينما توجه خوفا عليه من الصدام مع الناس.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة