«لو» بادرت الدولة وأسقطت ديون المؤسسات الصحفية القومية، هل تستطيع أن تحقق التوازن بين إيراداتها ونفقاتها، أم تستدين مرة أخرى وتعود الأزمة إلى نقطة الصفر من جديد؟ الاحتمال الثانى هو الأرجح لعدة أسباب أهمها زيادة النفقات الثابتة التى لا يمكن الاقتراب منها وأهمها الأجور والمرتبات، وتراجع الإيرادات بسبب انهيار التوزيع وزيادة أسعار الورق ونقص حصيلة الإعلانات، وهذه المشاكل ليست اكتشافا للعجلة الآن، ولكنها مدروسة ومرصودة فى عهود كل رؤساء مجالس الشورى السابقين، صبحى عبدالحكيم، وعلى لطفى، وصفوت الشريف، وكل رؤساء الحكومات قبل 25 يناير، وبعدها وعدوا باقتحام المشكلة وإيجاد حلول لها، وتحولت وعودهم أضغاث أحلام.
وانتقلت الأزمة بالعدوى إلى معظم الصحف الخاصة، التى لا تجد حرجا مثل القومية فى فصل المحررين وتشريدهم، وكانت من قبل ترقص على دخان أى مشكلة فى أى صحيفة قومية، حتى اكتوت بالنار ولم تعد قادرة على الاستمرار، والمتوقع أن تتفاقم الأزمة فى الشهور المقبلة لوقف إمدادات التمويل التى كانت تتلقاها من الداخل والخارج، وعدم قدرة أصحابها على الإنفاق من جيوبهم.
تصوروا «لو» رفعت وزارة المالية الراية البيضاء، وأعلنت عدم قدرتها على الاستمرار فى تحمل بدل التكنولوجيا الذى يبلغ 1200 جنيه شهريا لكل صحفى، و«لو» توقفت عن دفع فوارق المرتبات شهريا خصوصا لمؤسسات الجنوب.. ماذا يمكن أن يحدث؟
الحلول ليست سهلة ولكنها ضرورية قبل حدوث انفجار، حفاظا على كيانات إعلامية لعبت دورا مهما فى تشكيل الوجدان الوطنى للأمة، وكانت بمثابة رمانة الميزان التى يصون التوازن، ويخوض المعارك لصالح المجتمع، وحماية لمستقبل أجيال ليس ذنبها أنها وجدت نفسها فى مهنة مغروسة فى تلال من المشاكل، ولتكن نقطة البدء هى الإسراع بتشكيل المجلس الوطنى للإعلام، من كوادر وعناصر تتوافر فيها الخبرات المالية والاقتصادية والقانونية والصحفية، وأن تقدم كل مؤسسة صحفية خارطة طريق واقعية، تتناسب مع إمكاناتها المادية والبشرية ومشفوعة بجدول زمنى، قد يطول لسنوات لعلاج ملفات مزمنة، منذ أيام الاتحاد الاشتراكى العربى حتى الآن، والقضية تستحق التواصل.