بحسب الخبر الذى نشره موقع «اليوم السابع» فقد علت الدكتور عبدالفتاح العوارى، عميد كلية أصول الدين، ملامح الاندهاش، فبعد سبع ندوات أقامها مجمع البحوث الإسلامية حول تجديد الخطاب الدينى أرسل إليه أحد شيوخ المساجد استفسارا حول معنى «تجديد الخطاب الدينى» فرد عليه الدكتور العميد الشيخ قائلا: «إحنا شكلنا بنأدن فى مالطة» ثم ضحك الدكتور وضحك المحاضرون وضحك المستمعون جميعا، أما أنا فضحكت أيضا، ولكنه «ضحك كالبكا».
لم يدر بذهن الدكتور «العوارى» أن المشكلة التى أراد الواعظ الاستفسار عنها لا تشغل باله وحده، وإنما تشغل بال مصر كلها، ولا أبالغ إذا قلت، إنها تشغل بال العالم أجمع، خاصة أنه لم يسبق أن اتفق المحللون على تعريف جامع مانع لـ«الخطاب الدينى» فمنذ سنوات ونحن نتكلم عن تجديد الخطاب الدينى، لكننا للأسف لا نفعل شيئا سوى الكلام والمزيد من الكلام، وكل ندواتنا ومحاضراتنا تنقلب إلى حلقات فى مسلسل الهجوم والهجوم المضاد، فإذا كان القائمون على الندوة مثقفين فإنهم يكيلون الهجوم للأزهر وأتباعه، وإن كان القائمون عليها أزهريون فإنهم يكيلون الهجوم للمثقفين وأشياعهم، فيتحول تجديد الخطاب الدينى إلى تجديد «السباب الدينى» ولا أراكم الله تجديدا فى خطاب لديكم.
يطيب لى هنا أن أشكر الزميل «لؤى على» على تغطيته الواعية لهذه الندوات، فلم يكتف «لؤى» بكتابة «اللقطة» الصحفية وإنما أتحفنا بكتابة شرح الدكتور «العوارى» لمعنى تجديد الخطاب الدينى إذ قال «العوارى» إن تجديد الخطاب الدينى يعنى «أنه ليس لنا أن نعتمد على ما يحسنه العقل أو يقبحه إلا إذا ورد الشرع بتحسينه أو تقبيحه وهذا رد على المعتزلة، لأنهم قالوا الحسن ما حسنه العقل، منوها بأن هذا هو التجديد فى الخطاب الدينى الذى نريده حقًا» ليثبت الدكتور العوارى بهذا الشرح أن العقلية التى موكل إليها «تجديد الخطاب» هى الهدف الأساسى لتجديد الخطاب، فقد استدعى الدكتور ميراثا من التشاحن بين الآراء الدينية وجعل المعركة تبدو وكأنها معركة بين الدين من جانب والعقل من جانب آخر، كما استدعى معارك مضى عليها مئات السنين وكأنها ولدت اليوم، ليثبت «عميد أصول الدين» أن أمثاله هم حقا سبب رجعية الخطاب الدينى، وأحد أهم أسباب التناقض وعدم الفهم الذى نقع فيه يوميا حول الدين وخطابه.
غير أن اللافت للنظر حقا فى كلام العوارى هو ما أورده بشأن استحسان «العقل» واستحسان «الشرع» دون أن يقول لنا ما هو المقصود بالعقل وما هو المقصود بالشرع، وهو فى نظرى لب المشكلة، وهذا أمر لا يتسع المقال لمناقشته الآن، لكنى هنا أود التأكيد على تضامنى مع «الواعظ» الذى سأل عن معنى «تجديد الخطاب الدينى» لأنى إلى الآن لا أفهم هذا المصطلح، ولقد تناولت هذا الأمر فى مقال سابق بعنوان «تجديد الوعى الدينى» أدعوك إلى قراءته.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة