خلال الأسابيع الماضية، وفى أثناء جولات الوزراء والمحافظين على المؤسسات الحكومية، اكتشف كل منهم عددًا من المشاهد المضحكة حتى البكاء، وزير الصحة زار مستشفيات ومراكز طبية ولم يجد أطباء، أو وجد الأطباء روحوا وتركوا العيانين، ومحافظ وجد موظفة تعمل أكبر طبق سلطة فى وقت العمل، وأخيرًا وليس آخرًا زيارة محافظ لمركز شباب ووجد الموظفين يلعبون الدومينو.
فى كل زيارة يتم عقاب المسؤول أو الموظف، لكن هل توقف الموظفون عن لعب الدومينو، والموظفات عن تقشير الخضار، والأطباء والمعلمون عن التزويغ؟ غالبًا لا.. وطبعًا فإن الوزير أو المحافظ لن يستطيع زيارة كل مكان، فضلًا على أن العقاب لا يردع ولا يمنع من التكرار، وسوف نظل نشكو من التكدس والتعطيل والفساد فى المحليات والمرور وغيرها.
ومع صدق النية والرغبة فى التغيير، والانتقال من هذا الوضع البائس، نحن فى حاجة لتغيير حقيقى.. نحن أمام وضع تراكمى، فى كل مكان محلى أو مركز شباب هناك عشرون موظفًا فى وظيفة يقوم بها اثنان على أقصى تقدير، وبالتالى لا مكان فعليًا لباقى الموظفين، لو ذهبوا جميعًا فى وقت واحد لن يجد أغلبهم مكانًا يجلسون فيه، ثم إن الواحد يحصل على راتب غير مناسب لأى شغل.. يعنى الموظف «كأنه» يحصل على مرتب، وكأنه يعمل، لكن لا هو يأخذ مرتبًا، ولا هو يعمل.
ومع كل هذه الأعداد من الموظفين فإن مصالح الناس لا تتحرك، بل تتعطل.. الحل ليس فى فصل كل هؤلاء، لكن فى إعادة هيكلة هذه المصالح، وإدخال الكمبيوتر، وإنهاء الاحتكاك المباشر بين الموظف والجمهور، وتوزيع هذه العمالة الزائدة من الشباب على مكاتب خدمات حقيقية.
ولن نستورد هذا، وهناك تجارب الخدمات فى البنوك، مثلًا كل عميل يحصل على رقم يحدد دوره، وكل مكان يقف الناس فيه بالدور، هو مكان يحترم الجمهور. وهذا النظام يفتح بابًا لفرص عمل حقيقية.
ولا مانع من أن يخصص جزء من رسوم الخدمات للعاملين كنوع من الحوافز، وكل هذا يمكن فى استخراج الشهادات والبطاقات والجوازات ورخص السيارات، بل حتى تراخيص البناء والمخابز والضرائب ولجان الطعون والمشروعات إلى آخره، ولا مانع من أن تكون كل الخدمات مراقبة بالكاميرات صوتًا وصورة، حتى يمكن مراقبة الموظفين وحسابهم.
فى هذه الحالة سيكون هناك عمل حقيقى لكل موظف، وإنتاج حقيقى، ورواتب حقيقية، وليس وضعًا عرفيًا، ساعتها ربما يتوقف الموظفون عن عمل السلطة، ولعب الدومينو وقت العمل.. وكلنا هنكسب.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة