لكل نجاح أدوات.. وهناك أيضا ما يمكن أن يوصف به ناجح هنا، أو ناجح هناك، كأن يقال عنه شخص أو شخصية «عصامية»، بما تدل عليه الكلمة الأصلية «عصامى» من معان على أن الرجل كون نفسه بنفسه والعياذ بالله!
بكل تأكيد بطل قصة اليوم طبعًا، يا سادة، السيد جوزيف بلاتر، هو شخص عصامى جدا، وصل لكل ما هو فيه دون مساندة.. آى والله، فلم يكن مثلا نجما كرويا شهيرا مثل السيد ستانلى راوس، أو جول ريميه الفرنسى الذى تم صك «كأس» باسمه حصدتها على فكرة البرازيل للذكرى بس.
كما أن المدعو سيب جوزيف بلاتر، أيضا لم يرق لكونه رئيسًا لناد، أو حتى مستأجر لمحل ملابس، ولا كمان كان عنده «كارنيه»، سيادتك، يحضر به المباريات.
فى كل الأحوال فإن الشاب السويسرى «سيب».. وجد ضالته بعد دعاء السيد جوزيف، رحمه الله، له فى الارتباط ببعض المقربين من السيد جو هافيلانج، الملياردير البرازيلى الذى تولى رئاسة الفيفا من 1974 إلى 1998، عندما كان «جوال» فى شركة للسياحة وخلافه، ليلتقى فى إحدى السهرات مع الجماعة، عندما وصل إلى العمل أمينا عاما للاتحاد السويسرى للتزحلق على الجليد المرتبط جدا جدا خالص بالسياحة و«الراحة» لأصحاب الأموال والأثرياء الطاعنين فى السن.. وعلى فكرة أصحاب الملايين يستوون فى كل بلاد العالم، فعندما يظل رجل يجمع المال إلى أن يتعدى حاجز الـ50 ربيعا، فإن تعويض ما فاته أيام الشباب يصبح عنده خيارا أعظم وتحديدا عندما يفتح له الأبواب «سمسم» الذى هو بلاتر مع هافيلانج وغيره غير سهرات المراقص الـ10 نجوم.. التى لا تخترق حرصا على أمن الزبائن.
عام 1981 أصبح أمينا عاما للفيفا كمكافأة على أدائه منذ بدء العمل عام 1975 مديرا لبرامج التطوير فى الفيفا.. وهى برامج تعرض على الرئيس أولا، والرئيس وقتها السيد هافيلانج كان سعيدا فرحا بوجود بلاتر إلى جواره فى حله وترحاله.
فى العام 1990 أصبح سكرتيرا عاما لدولة الكورة «فيفا».. قاهرا كل من قابله بقوة، ليتمكن من ربط الريس هافيلانج على درجة الرئيس البركة، يعنى هو الذى يدير وكون إمبراطورية إعلامية بدأت رحلة توطيد العلاقات مع بعض من عملوا فى بلاط صاحبة الجلالة بمقر الفيفا كمدافعين ومنظرين عن كل قرارات رئيس الدولة وقتها!
«عصامية» فساد بلاتر تتضح فى هذا الكم من تكوين العلاقات، وارتباط اسمه بعد أن انتهى من عزل هافيلانج وتولى رئاسة دولة الفيفا عام 1989 وهى طبيعة من يساعد الشيطان، فيكون أول من يسقط من طوله مغشيًا عليه من هول المفاجأة، وبالتأكيد لن يستطيع أن يطلق صرخة- «خيانة»- لأنه كان يتغزل فى عفته وكفاءته على مدى عقدين من الزمن على الأقل.
منذ هذا الحين.. بدأ بلاتر يلعب بـ«دولة الفيفا» ويزيد من حجم المنتفعين والمرتشين حوله.
الدليل، سيدى القارئ، على هذا السرد، هو أن أغلب الاتحادات والشخصيات التى وظفها الفساد «العصامى» بلاتر، تبدو دائما بعيدة عن الأماكن الأصلية لكرة القدم، ليقدم الفساد والرشوة على كل شكل ولون.
هناك عشرات الجزر الصغيرة، وبلدان ربما كبيرة المساحة لكنها فقيرة، يدخل عليها تعديلات ويعطيها من الدولارات ما يكفى لسد أفواه الرجالة.
1/4 مليون دولار وبعض الدولارات، وكما لجنة السفرية الواحدة يكسب فيها العضو ما يساوى 15 ألف دولار لحضور كونجرس، أو دورة، أو «سيمينار» لمدة 10 أيام.
راجع سيادتك المتورطين معه، أو عدد من يمكن أن نطلق عليهم «بلية» صبى المعلم اللى بيشيل القضية فى الآخر فستجدهم طبعا المقبوض عليهم من يومين من بلاد الكونكاكاف وجمهوريات الموز، ومع هذا فإن كرة القدم فى بلاد كثيرة استفادت ملاعب وبعض المشروعات مثل مشروع «الهدف».
طبعًا، سيدى القارئ، فيلسوف فساد عصامى.. لأن نموذج الفساد الأوروبى.. يبنى ويهبر فى آن واحد، وهى فلسفة لن تمر على بلادنا بسهولة.. لأنهم هنا يتعاملون بطريقة المعلم هريدى أبوالهدد، يعنى يسرقوا حديد التسليح والأسمنت من الأساس فتسقط العمارة على اللى فيها!
لكن منظومة الفساد «البلاتراوى» تعتمد طريقة نجيب الريحانى فى الهبر.. فالشىء لزوم الشىء!
لعل هذا ما جعل بلاتر رئيساً حتى الآن.. فهناك آلاف من عينة «بلية» لشيل القضية.
فهذه قطر.. إما أن تضحى بـ«بن همام».. أو بـ ملف مونديال 2022،
وقبلها التربيط مع الزعيم مانديلا سجين الحرية الأشهر من تمثال الحرية شخصياً- رحمه الله- ليرفع أسهم الفاسد العصامى بلاتر أمام العالم.
وهذا جاك وارنر المتهم الدائم ببيع التذاكر والصوات والبث وكله.. كله.. على رأى توفيق الدقن رحمه الله!
الأكثر دهشة أن بلاتر ظل يعمل ويفسد ويفسد، حتى أصبح الحاكم بأمره فى الكرة!
أما المشاهد الأكثر إثارة فكان الانتهاء فورا من كل من قدم جديدا لإفادته.. كجزاء سنمار المعروف.. فهذا يفتح السن لمنصب الرئيس فتجده بعدها خارج الفيفا.
أما ذاك.. واحد تانى يعنى، فتجده يدخل سمساراً لبيع الحقوق بدرى، بدرى، فتجد الأرقام والحسابات السرية تمام التمام، وكله فى الـ100% بينما السمسار تبحث عنه المباحث الفيدرالية، وبمعرفة مين يا حلوين؟!
طبعاً بمعرفة بلاتر!
يا سادة، قصة فساد بلاتر «العصامى» تصلح فيلما سينمائيا هوليوديا من عينة أفلام الأكشن والإثارة، وترقى لأن تشابه قصص «هتشكوك» العظيم.. وأحياناً الفك المفترس!
سيدى القارئ.. المؤكد أن لكل مجرم خطأ، وشيئا ما يتركه خلفه، أو أن يتردد على مكان الجريمة.. وكلها.. كلها يقع فيها بلاتر الآن!
يا سادة.. مقعد رئاسة الفيفا هذه الدورة الذى يقبل على بلاتر محمولاً على أعناق الفاسدين والخائفين والمنتفعين والصامتين، وهو تتويج لرحلة فساد «عصامى» بدأها بلاتر من 40 سنة.. فكونوا على صبركم.. وتحملكم.. فالمؤكد أن الأمانى ممكنة، حتى لو شربناها سادة.. ربنا ما يقطعها عادة.. إلى أن تنتبه الدولة، وتطهر مسالك الكرة المصرية التى وقفت على السلالم، فلم تلعب دور نجيب الريحانى، ولن تفلح إلا فى دور هريدى أبوالهدد وعمارته التى سقطت على رؤوس الغلابة.
الدولة المصرية.. يجب أن تخلع عباءة الرعب من جملة «تدخل حكومى».. وتطالب بعنوان واحد فقط هو: الصوت فى اتحاد الكرة.. لأندية الممتاز والممتاز «ب».. والباقى أعضاء كاملو العضوية عدى التصويت لاختيار من يحكم دولة الكرة.. فاصل ونعود!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة