هؤلاء الذين فرت من وجنتيهم حمرة الخجل كفرار الناس من مرضٍ معدٍ، واندثرت من جيناتهم القيم الأخلاقية والوطنية، وتحولوا إلى عبيد الجنيه والدولار، وأسرى لشبق الوقوف أمام كاميرات القنوات الفضائية أو الصحف ووكالات الأنباء، بحثًا عن مغنم الشهرة والجلوس بين أروقة قصور السلطة، استطاعوا أن يؤسسوا «سيرك زمن الخيانة».. هذا فى الوقت الذى انسحب فيه شرفاء هذا الوطن من المشهد، واختفوا عن الأنظار، بعيدًا عن صخب ألعاب السيرك التى يمارسها هؤلاء الذين يتصدرون المشهد، من التسلق والقفز كالقردة، أو الإتيان بألعاب بهلوانية ما قل منها وما كثر، أو ممارسة السحر فى عملية خداع بصرى واضحة للبسطاء. وعندما استشعر هؤلاء الشرفاء الخطر الداهم على بلادهم، وأن هذا السيرك المنصوب طوال 3 سنوات كاملة مارس فيه البهلوانات كل الألعاب، سيفضى ببلادهم إلى الهاوية، استيقظوا فى 30 يونيو 2013، واستعادوا الدولة من براثن هؤلاء البهلوانات.
وخلال الأيام القليلة الماضية، حاول البهلوانات إعادة نصب السيرك من جديد، مستعينين ببعض الإعلاميين المنقلبين، والنشطاء، والشخصيات المتلونة بكل ألوان الطيف السياسى، لتقديم الفقرات الأكروباتية، والتسلق والقفز على المسرح، وكأن شرفاء هذا الوطن من الزرّاع فى الغيطان، والعمال فى المصانع، وجنود الشرطة والجيش الذين يضعون أرواحهم بين أيديهم فداء لهذا الوطن، عبارة عن فئران تجارب، يجربون فيها الأشياء ونقيضها من الدعوات للمظاهرات الاحتجاجية «عمال على بطال»، والتهديد والوعيد باندلاع الثورات، وإثارة الفوضى، والانفلات الأخلاقى والأمنى، وإصدار فتاوى التكفير السياسى والدينى، والدعوة للإلحاد، ومحاولة شرعنة الرذيلة، وتجارة الكلام، ووأد الأفعال، ولا يهمهم صرخات الملايين من ألم الجوع الذى يعتصر أمعاءهم.
ولا تهمهم حالة الخوف والرعب التى عششت فى قلوب المصريين من البسطاء والغلابة طوال 4 سنوات من الانفلات الأمنى، ومن أن يعود أبناؤهم من وحداتهم العسكرية فى نعوش، وسط عزف موسيقى عسكرية جنائزية. ولا تهمهم المخاطر الجسيمة التى تتعرض لها البلاد، والنار المشتعلة على حدودها الشمالية الشرقية، والغربية، والجنوبية، وحجم المؤمرات التى تحاك فى الخارج، وتنفذها مجموعة من الخونة فى الداخل لتمزيق أواصر الوطن، ولا تهمهم حالة الاقتصاد المتردية، وأن البلاد فى حاجة ملحة للاستقرار عامين على الأقل، لتسترد عافيتها.
لكن الأهم عند هؤلاء اللاعبين فى السيرك إلغاء قانون التظاهر دون تقديم البديل، كما قال الإمام محمد الغزالى «هات البديل إذا أردت أن تغير وضعًا خاطئًا»، والدعوات للتظاهر، وتأليب العمال مثلما فعل حمدين صباحى، ورفيق دربه عبدالمنعم أبوالفتوح الذى شن هجومًا شرسًا ضد النظام الحالى، ونظام مبارك فى لقائه مع عمال محافظة الغربية، فى الوقت الذى لم ينبس فيه بكلمة واحدة ضد نظام مرسى وإخوانه.
شرفاء هذا الوطن، من القاطنين فى القرى والنجوع والكفور والمدن بالمحافظات المختلفة، وفى أحياء القاهرة الكبرى، بكل تنويعاتها وتركيبتها السكانية، استفاقوا من غيبوبة مرض «سكر» الشعارات البراقة، ودغدغة المشاعر بمصطلحات سياسية مكعبرة ورنانة، والجرى وراء مزاعم وشائعات أبعد من السراب، وكشفوا حقيقة هؤلاء اللاعبين على مسرح سيرك زمن الخيانة، وبيع الأوطان، والارتماء فى أحضان الأعداء، ولن يستمعوا لهم من جديد، بعدما دفعوا الثمن باهظًا من فاتورة تجارة الكلام.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة