لو كان السادة المذيعون ومقدمو البرامج والإعلاميون انتبهوا لما يجرى حولهم وما يفعلونه، ربما لانتبهوا إلى أن برامج المساء والسهرة والبرامج الأخبارية فقدت رونقها وانصرف عنها المشاهدون، لأنها عجزت عن تجديد نفسها، واكتفى السادة الإعلاميون بأن يكون كل منهم مجرد ميكروفون يعيد ويزيد ما يقوله، ويلعب دور المؤيد والمعارض والأراجوز، والهدف هو أن يظل مطلوبا وجذابا، ومع مرور الوقت فقد «التوك شو» رونقه وجاذبيته، وأصبحت أغلب البرامج تقدم نفس الوجبة يوميا وبنفس الطريقة من دون تغيير.
وهذه الوجبة مستمرة من عشر سنوات تقريبا وأكثر، ويريدون من المشاهد أن يسمع لهم ويقتنع بما يقولونه حتى لو كان هو نفسه ما يتابعه على مواقع التواصل الاجتماعى. ناهيك عن أن منتجى هذه البرامج وأصحاب القنوات أصبحوا مثل منتجى السينما الرخيصة يكتفون بالبطل فقط وحوله مجموعة من المساعدين أو السنيدة، فالمذيع هو الذى يحصل على الكعكة الرئيسية، باعتباره يقوم ببطولة برنامج، أما باقى فرق الإعداد والإنتاج أو حتى الكاميرات فلا يلتفت إليها لا المنتج ولا صاحب القناة.
هذا هو مربط الفرس فى تدهور حال التوك شو وليس غيره، لأن شراء مذيع أو صحفى ليقدم برنامج، يعنى أن يحصل على الكوتة الرئيسية للإنتاج وبالتالى عليه أن يعيد هذه الأموال إما فى جلب معلنين وإما فى صورة حركات وتمثيليات تجذب مشاهدة وإعلانات. ولهذا يلجأ بعض الإعلاميين إلى عمل مناظر وحركات وارتداء ملابس لجذب المشاهدين. بل إن بعض الزملاء «بيعمل عبيط» ويشتم نفسه حتى يشد إليه مشاهد هنا أو هناك. المذيع من ناحيته يبذل قصارى جهده لتحليل هذه الأموال لأنه حصل على الملايين فيتحول إلى أراجوز يوظف كل معارفه وفنون التمثيل ويصبح «كاراكتر» على طريقة الممثلين الثانويين فى السينما، ممن يعملون بمبدأ «عيش كاراكتر تشتغل أكتر»، يعنى الممثل يعيش طوال عمره فى دور الشرير أو الطيب أو العبيط أو التافه أو الحرامى أو رجل مثلما لا تريد العصابة، وكلما فكر مخرج فى دور ما يحدد الاسم ويطلب الممثل.
وربما لهذا نلاحظ أن كل مذيع فضائى يحاول أن يصنع لنفسه كاراكتر بالملابس أو الحركات بالوجه والعين والحواجب. والمثير أنه مع أن السادة المذيعين لا يعجبهم العجب ولا الصيام فى رجب فإنهم لا يريدون الاعتراف بأنهم يقدمون وجبة مكررة يوميا، ولهذا يرى بعضهم نفسه مؤيدا ويغير إلى المعارضة، والعكس، مثلما يفكر بعض ممثلى الأكشن فى عمل كوميديا والعكس. وربما لهذا تحول بعضهم إلى السياسة وهو لا يفهم فيها. وهذا موضوع آخر. فى حد ذاته مسخرة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة