إبراهيم داود

صديق قديم جداً

السبت، 30 مايو 2015 05:23 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عاد إبراهيم أصلان مرة أخرى، عاد بشخصيته البسيطة المدهشة، بحكمته وخفة ظله، تشعر وأنت تقرأ رواية «صديق قديم جدًا» التى صدرت مؤخرًا عن هيئة الكتاب أن صوت صديقك، وعمك الحبيب إبراهيم موجود معك، وأن ضحكته التى كان يهتز معها جسده كله يسمعها الجيران.. الرواية عن الفقد، ومع هذا تشعر معها ببهجة قديمة، هو يحكى لشخص لا ينتظر منه شيئًا، يحكى لأننا يجب أن نتعارف من جديد، كان دائمًا يقول إنه ينتمى إلى القنوات الأرضية وناسها، لا يشعرك بأنك أمام كاتب كبير مثقف شريف نظيف وهو يكتب، لا يبحث فى الموضوعات التى تجعل من محدودى الموهبة نجومًا، هو يكتب عن الذين قابلهم فى الحياة، عن ذكريات مع بشر عاشوا حياة طبيعية، عن خبرات تبدو من وجهة نظر المتحذلقين ساذجة، مثل كيف تشترى بطيخة أو برتقال بصرة، العمل الجميل بدأ بتليفون من بنت الحاج توفيق تخبره بأن والدها «تعيش انت»، بذل جهدا ليتذكر الراحل، سألها «كان عيان ولا أيه؟»، قالت أبدا والله، وتمهلت: «دى حتى الحكاية دى لما حصلت، كان ماشى فى الشارع»، هذه المكالمة كانت مفتاح العمل الذى يعد نحتًا فى الزمن، أخذنا فى رحلة مع أصدقاء الصبا، إلى بيوت حارة الصعايدة، وشارع فضل الله عثمان فى إمبابة، عرفنا على أصدقائه وآبائهم ومهنهم، ذهب لتقديم واجب العزاء فلم يجد العالم القديم كما هو،ولكنه لم يتحسر أيضًا على غيابه، فتح حقيبته القديمة ليستعيد هذا الزمن، استحضر صديقه التاريخى محمد، الشهير بـ«جونيور» ابن الإنجليزية الذى بذل جهدًا جبارًا لكى يهرب عند أخواله فى بريطانيا، استدعى محطات حياته الأولى، وكيف عمل فى هيئة البريد، وحكى عن تجربته فى المحلة الكبرى التى ذهب إليها معاقبًا وهو فى الثامنة عشرة من عمره. يمكن اعتبار الكتاب سيرة ذاتية خالية من البطولات، لكنها غنية بالمشاعر الطيبة تجاه من قابلهم وعمل معهم. أنت أمام عمل شجى عن الأيام البعيدة التى ظهرت فجأة أمام كاتب عظيم قبل رحيله.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة