الحصاد المر للانهيار الأخلاقى هو ما فعلته ياسمين النرش، خريجة مدرسة «إنت مش عارف أنا مين؟»، ولولا الفيديو الذى بثته المواقع والفضائيات لكانت الآن شهيدة الشرطة، وضحية قانون منع التظاهر، وخرجت من أجلها المظاهرات الغاضبة والوقفات الصامتة أمام الأوبرا، ويبدو أن القضية كانت تسير فى هذا الاتجاه لتبرئتها، وإدانه الضابط المهذب الذى تحلى بأقصى درجات ضبط النفس، وهو يواجه سيدة أهانته وسبته واعتدت عليه بالضرب وسكبت فى وجهه الماء، فبادرت الداخلية بتسريب الفيديوهات التى قلبت القضية رأسا على عقب، وكشفت الحقيقة كاملة، وأبطلت مفعول خطة جهنمية للتعاطف هذه المرأة المعتدية، وإثارة قضيتها فى الفضائيات، «وطبعا معروف عند مين»!
لولا الفيديو لكان الضابط هو المتهم بتجريدها من قميصها، فى إطار مزاعم التعذيب الممنهج بالتعرية الذى تتبعه الداخلية، وهو سلاح أمنى لكسر عين المتهم ووصمه بالعار، ولم يكن ممكنا أن يصدق أحد أن «النرش» هى التى خلعت قميصها، وتفوهت بألفاظ تخدش الحياء وهددت الضابط بأنها هتقلع ملط.. والحكاية على بعضها هى تجسيد لنموذج سيئ للفوضى السائدة فى المجتمع فى السنوات الأخيرة، والجرأة فى الاعتداء على القانون وهيبة الدولة وإهانة رجال السلطات العامة، وسيادة قانون البلطجة والفتونة.
لو كانت هذه المرأة تعلم أن القانون سيعلمها الأدب ويقمع غرورها، ما أقدمت على أفعالها وأقوالها التى أثارت استياءً عاما، ولعلها عرفت الآن فقط «هى مين»، وأن فتح الصدر ليس مكانه صالة المغادرين بمطار القاهرة، وأن البلد دفع ومازال يدفع ثمنا فادحا لأخطاء وخطايا فادحة، فلا فرق بين ما فعلته وبين من أحرقوا أقسام الشرطة والمرافق العامة وأشاعوا التخريب والفوضى، والاعتداء على القانون فى هذه الجريمة لا يختلف عمن يفجرون أبراج الكهرباء ويهددون حياة الآمنين، فكلمة السر هى الفوضى، و«اللى له ظهر ما يضربش على بطنه».
بالقانون يجب أن يضرب كل من يتجرأ على القانون على ظهره وبطنه وقفاه، ليكون عبرة للكائنات التى تتسلق فى الهواء، حتى تقع وينكسر عنقها.