البقعة النائية استعانت على الطبيعة بالطبيعة، فالآبار التى حفرتها أيادى السكان الأوائل أوجدت الحياة، وسقت الأراضى الزراعية وجعلت من الواحة موضعا يطأه الصعايدة وبعض سكان الوجه البحرى للتوطن فى تلك الجزيرة المنعزلة بالرمال، بحثا عن حياة جديدة، فى ظل براح يندر تكراره فى المدن الواقعة على ضفاف النيل.
فى بلاد الغرائب والعجائب، هناك آبار يتم حفرها كل يوم، وغابات من "الجوجوبا"، و"الجاتروفا" على مساحات واسعة، و60 قرية سياحية يعتمر موظفوها ملابس فلكورية قديمة، فيما يبدو أنه طراز فريد من الخدمة السياحية، بالإضافة إلى عدد غير قليل من الفنادق و"اللوكاندات"، وآثار لقرى وقفت لمئات السنوات فوق تلال عالية قبل أن تتحول إلى أثر بعد عين.
"العرب" يهددون الأهالى والمنشآت الحكومية
رعاة الخلاء يطلقون أبقارهم وماشيتهم للرعى فى مشروعات وزارة الزراعة
قبل قيام ثورة الخامس والعشرين من يناير عام 2011 كان العرب ملتزمين جبالهم الواقعة بالواحة، لكنهم عقب الانفلات الأمنى بدأوا الهبوط إلى الأراضى المنبسطة سعيا وراء نعمة الوادى السهل بعيدا عن المنحدرات.
العرب يمتلكون ماشية تتضمن أبقارا وماعزا يستطيعون من خلالها الحصول على ما يلزمهم من طعام، كما أنهم يشكلون منها قطعانا ترعى فى الخلاء أحيانا وفى بعض الأحيان ترعى فى أراضى الغير وإن كانت "حكومية".
الأهالى اشتكوا أكثر من مرة من قيام "العرب" بغزوات يستطيعون من خلالها "تثبيت" أى شخص فى العراء دون أن يسمعه أحد فى تلك الأرض الواسعة التى يندر بها السكان.
وزارة الزراعة تقيم مشروعات يتسلل إليها العرب دون أن يردهم أحد، حيث يقول المهندس محمد عبد الوهاب إنهم يمكنهم بلوغ المشروعات التى تقيمها الوزارة بما لهم من جرأة على استباحة ممتلكات الغير.
وذكر أن قطعانهم تنتشر فى كل مكان حتى إن ماشيتهم تأكل أشجار الغابات التى أقامتها إدارة التشجير والبيئة، مضيفا أن الأمر بات زائدا عن الحد كثيرا خلال الفترة الماضية حتى إن محصول الزراعات الحكومية بدأ يتناقص بسبب غزوات ماشيتهم التى تأكل أوراق الأشجار.
كما دعا الشرطة إلى أن تقوم بدورها لتحجيم هذه الظاهرة، وتطويق خطر بدأ ينتشر على نطاق واسع مؤخرا.
القرى السياحية.. من "ساويرس" إلى حضن الجبل
الملابس الفلكورية للعاملين تتضمن "صديرى وجلابية" والقعدات العربى والجبال تكمل الجو السياحى النادر
تعتبر السياحة مصدرا أساسيا للدخل فى الواحة، إذ يبلغ عدد القرى العاملة فى المجال العشرات، كما تستضيف الواحة زوارها فى فنادق تتراوح مستوياتها بين المتوسط والمتواضع.
وهناك فى "موط" العاصمة، فنادق صغيرة تبلغ قيمة الليلة فيها 60 جنيها، لكن الفنادق الفاخرة غير موجودة تقريبا حيث يلجأ فى العادة سواح الواحة إلى القرى السياحية التى تقدم كافة الخدمات من المبيت إلى غير ذلك من طعام وشراب.
وتتصدر قرية "الطرفا" التى يملكها رجل الأعمال "نجيب ساويرس" مشهد السياحة إذ تقدم أجواء فلكورية قديمة من ناحية المبانى التى تم بناؤها على الطراز القديم مع مراعاة تقديم روح ريفية للمكان الذى يحتفى بالأجانب لدرجة أنه يمنع اختراق خصوصية الأفواج من أى زوار جدد.
فى القرى السياحية يلبس "الجارسونات" ملابس فلكورية قديمة كنوع من أنواع إكمال الأجواء القديمة التى توحى بها المبانى، وتتضمن الملابس الفلكورية "صديرى" مكونًا من الألوان الأبيض والأسود بالإضافة إلى جلابية بيضاء.
كما تكمل الصورة "القعدات العربى" التى تتيح للزوار الأجانب جوا لا يمكن أن يحصلوا عليه سوى فى القرية التى لا تزورها الأفواج إلا نادرا فى ظل انحسار معدلات تواجد السائحين.
كما توجد أيضا قرى سياحية تعلو كثيرا عن سطح الأرض، حتى إن جزءا كبيرا منها يقع فوق جبال شاهقة، حيث تقع الغرف فى حضن المرتفع الذى يعلو عادة فوق سهول منبسطة مزروعة بالمحاصيل المختلفة ، ما يخلق عالما من الطبيعة الساحرة.
لكن مشكلة أغلب القرى السياحية فى الوقت الحالى أنها خالية من الزوار، بينما يبدو أن السبب فى ذلك متعلق بانفلات أمنى بات حجة مكررة تلقى لتبرير تراجع السياحية بعد ثورة 25 يناير.
وتستقبل المنطقة سائحين من هولندا وألمانيا وغرب أوروبا بالأساس إذ لا يقبل السياح الروس إلا على الغردقة فيما يتمركز سائحو شرق أوروبا فى شرم الشيخ ومناطق مختلفة فى شمال جنوب سيناء.
أما عن المزارات السياحية فهى متنوعة جدا إذ تقدم 17 قرية رئيسية بالواحة أنواعا مختلفة من الآثار تنتمى لجميع العصور حيث تقدم قرية القصر على سبيل المثال آثارا تتضمن مسجدا بنى فى العصر الأيوبى فضلا عن آثار فرعونية وإسلامية متنوعة.
ويقول محسن عبد المنعم، الخبير السياحى ورئيس الهيئة العامة للاستثمار السياحى بالوادى الجديد، إن هناك 60 مزارا سياحيا فى المنطقة يمكن للوافدين زيارتهم، لافتا إلى أن عددا منها يمكن تسليط الضوء عليه بشكل أكبر ليجتذبوا المزيد من الزوار من أنحاء مختلفة فى العالم ، فى الوقت الذى تسعى الدولة لزيادة معدلات الجذب السياحى لإنعاش معدلات السياحة بما ينعكس على الدخل القومى للبلاد.
"القلمون".. وقفت فى وجه الغزاة بـ"حصان طروادة"
سكان القرية أحاطوها بسور ظل قائمًا حتى فترة قريبة لحمايتها من هجمات قبائل الغرب
تقع قرية القلمون على بعد 15 كيلومترًا من العاصمة "موط"، وتتميز بأن سكانها أقاموا حولها سورًا لحمايتها من هجمات القبائل التى كانت تنهب قرى الواحات.
ويحكى الأهالى حكايات بالغة التشويق عن هذا الأمر إذ يقولون إن السور الذى تسورت به القرية كان بالغ القوة والطول حتى إنه كان يحمى القرية على امتدادها من "طلعات" العصابات، مؤكدين أنه ظل صامدا حتى سقط منذ سنوات قليلة.
ويقول "كامل غريب" وهو رجل ستينى من كبار رجالات القرية، إن السور كان له باب يفتح كفخ لتسهيل دخول الغزاة الذين ما إن يدخلوا حتى يغلق الباب لينهال عليهم الأهالى بالضرب حتى يقضوا على أطماعهم فى النيل من ثروات القرية التى يتمثل أغلبها فى مزروعات بذلوا لها الجهد والعرق، وهى تنويعة جديدة على حيلة حصان طروادة اشتهرت بها القرية.
ويروى "أحمد فتحى" قائلا: إن الأهالى كانوا يخفون البلح وهو المحصول الاستراتيجى الأهم فى القرية بدفنه فى الأرض وذلك لحمايته من العصابات التى كانت تراه المغنم الأهم لها، مضيفا أن الغزاة ما إن كانوا يرون النخيل بدون بلحه، فإنهم يولون الأدبار ظنا منهم أن المحصول خاب هذا العام.
ويؤكد "فتحى" أن دفن البلح فى الأرض كان له أثر طيب جدا على البلح إذ كان يحلو ويصبح ذا مذاق خاص لا يمكن نسيانه حتى أن الأهالى بعد ذلك قاموا باعتماد تلك الطريقة التى مهدت لمذاق جديد لم يعرف قبلا للتمر.
أهالى القرية اضطروا منذ فترة قريبة لترك قريتهم أطلالا فوق ربوة عالية بسبب صعوبة توصيل خدمات الصرف الصحى إليها ونزلوا جميعا إلى الوادى المنبسط حيث بنوا بيوتا جديدة.
كما وضعوا حجر الأساس بالجهود الذاتية لمسجد يجمعهم فى الصلوات الخمس، لكن الأزمة تكمن فى أن مشكلة الصرف الصحى لم تحل بالكامل فالأهالى يؤكدون أن الصرف مازال يتم بواسطة "طرنشات" تم تشغيلها بجهود أهلية.
أهالى "القلمون" أكدوا إنهم مازالوا يتطلعون إلى تنفيذ وعود طرحها عليهم مرشحون عدة بمجلس الشعب تتضمن توصيل شبكة للصرف الصحى تخدم تلك البقعة الصغيرة من البراح المحيط بعاصمة الواحة "موط".
غابات "الجوجوبا" و"الجاتروفا".. 360 فدانا تشرب من مياه الصرف
الأشجار "الاستراتيجية" تنتج محاصيل تستخدم فى صناعات تبدأ من الأدوية وتنتهى بزيت الطائرات
لغابات "الجوجوبا" و"الجاتروفا" وجه آخر غير معتاد، فهى تشرب من مياه الصرف، لتمد جذورها فى أراض ظلت صحراء حتى مستها أيادى الخصوبة وطرح الثمار، بينما يقول المتخصصون إن النوع الجديد يكسب أرضا جديدة فى رحلة السعر المتزايد، بشكل يدعو لاعتباره محصولا استراتيجيا مستقبليا يؤمل منه الكثير.
محمد عبد المنعم المهندس الزراعى بإدارة التشجير والبيئة، أكد أنه استطاع من خلال مفاوضاته ممثلا لوزارة الزراعة مع المصدرين والقائمين على تجارة "الجوجوبا" الحصول على سعر يزيد بنسبة أكثر من مائة بالمائة عن السعر القديم فالكيلو من "الجوجوبا" كان يباع بـ25 جنيها، بينما استطاع هو الحصول على سعر يبلغ 60 جنيها للكيلو.
وأكد أن "الجوجوبا" و"الجاتروفا" محاصيل متعددة الاستخدامات موضحًا أن استخداماتها تتنوع بين صناعة زيوت الشعر والأدوية، وبين الحصول على منقوعها سائلا ليمكن وضعه ضمن تركيبة "زيت الطائرات".
وأشار إلى أن الغابات ظلت تحارب الإهمال منذ قيام ثورة 25 يناير، لكنه شدد أيضا على أن الأمور لم توضع فى نصابها بحلول عهد الرئيس "السيسى" حيث ذكر أن عددا من المشكلات مازالت تواجه مهمة الحفاظ على مساحة الأرض المنزرعة أو زيادتها فى الوقت الذى كانت فيه الأحلام واعدة أيام "مبارك" بشأن زيادة الدخل الخاص بالمحافظة بواسطة هذا النبات.
وقال إن العمال الذين يعملون بالإدارة دون عقود لا يمكن الاعتماد عليهم فى ظل تدنى رواتبهم واتساع الفجوة بين 460 جنيهًا يحصلون عليها، ومهام ينبغى إنجازها للوصول إلى الصورة الكاملة التى تتضمن تواجد اثنين على الأقل بالغابات لمراعاة النبات ورى الأرض.
وأشار إلى أنه يصعب الحفاظ على الـ360 فدانًا التى تمكنت الإدارة من زراعتها منذ بدء المشروع فى واحة الداخلة، فى ظل الظروف الحالية التى تتطلب مخصصات مالية لا يمكن التنازل عنها فى ضوء انعزال الواحة عن باقى المحافظات بما يصعب فكرة الحصول على المستلزمات المطلوبة.
وأكد أن الوزارة لم تعد قادرة على الوفاء بالالتزامات المالية التى تتطلبها مشروعات المدى الطويل لافتا إلى أن أزمة إدارة التشجير والبيئة تكمن فى أن لها مركزا واحدا فى العاصمة يزود كافة المحافظات بما تحتاجه، ما يعوق مد المناطق النائية باحتياجاتها ويعزلها أكثر ما هى معزولة.
ولفت إلى أن زراعة غابات "الجوجوبا" و"الجاتروفا" فى بدأت فى الواحة منذ عام 2007 مؤكدا أنها ظلت تتوسع حتى وصلت إلى المساحة الحالية التى لم تزد شبرا منذ الثورة بل إنها بدأت فى التناقص.
فى قرية المنصورة.. الناس يغتسلون فى العراء
بئر القرية الساخن جذب سكان المناطق المجاورة و"الصعايدة" بعد رواج أسطورة إخراجه الأمراض من الجسد
أن يتحول بئر لمزار يحج إليه سكان القرى المجاورة وزوار لا ينتمون لمحافظة الوادى الجديد، فهذا أمر غريب بلا شك، فما اعتاده الناس على مدار عقود أن تحظى أضرحة الأولياء بهذا الشرف، لكن بئر المنصورة كسر هذه القاعدة بامتياز بعد أن ذاعت شهرته فى الآفاق.
أسطورة البئر بدأت حين اغتسل فيه بعض الأهالى لينمو لديهم اعتقاد بأن مياه البئر تخرج المرض من الأجساد، وسرعان ما شاع هذا المعتقد وراج فى القرى المجاورة قبل أن يأتى بعض الصعايدة من محافظة أسوان ليستحموا فى البئر لينقلوا ثقافة الأسطورة إلى وجه قبلى لتتحول القرية إلى قبلة للباحثين عن العلاج من أمراض عجزت عن علاجها الأدوية والمستحضرات الطبية.
وقال محمود أحمد أحد مرتادى البئر للاستشفاء، إن مياه البئر الساخن تخرج البرد من الجسم، لافتا إلى أنه يقوم برحلة أسبوعية إلى المكان ليستحم فى العراء مؤكدا أنه يحضر وبرفقته "فوطة" وغيار ليغوص بجسده فى الماء الساخن الذى لا يوجد ما يضاهى تأثيره فى العالم كله على حد قوله.
وأكد أن البئر يتميز بماء ساخن حتى فى عز الشتاء ، وهو شىء مميز لا يمكن أن يوجد فى مكان إلا فى قرية المنصورية مؤكدا أنه يأتى إلى بئره مشيا على الأقدام من إحدى القرى المجاورة حيث يتحمل المشى طويلا فى رحلة ذهاب وعودة من أجل نعمة الماء الساخن فى البرد.
لصوص الآثار ينهبون كنوز الواحة
صنعوا شبكة أنفاق كاملة تحت الأرض لاستخراج التماثيل الفرعونية
تجرى عمليات التنقيب عن الآثار بشكل دائم فى واحة الداخلة، حتى إن أغلب سكان القرى ساهموا فى محاولات فشل أغلبها لإخراج كنوز الفراعنة من الأرض.
القصة تبدأ بمجموعة من الأصدقاء الذين يتحدثون غالبا فى هذا الأمر باعتباره وسيلة للثراء السريع، يبدأ احدهم بالإعلان عن أن هناك أرضا مرشحة لتكون غنيمة فى الصحراء، فيندفع زملاؤه ليدعموه بقوة، وتبدأ عملية التنقيب التى تستدعى وجود"شيخ" يمكنه إخراج الكنوز الفرعونية من باطن الأرض باستخدام التعاويذ.
يتميز الأمر بجو من "الأكشن" ما يجعله مفضلا لدى المراهقين والخريجين الجدد الذين تعطلت بهم السبل لإيجاد وظيفة، كما ينطوى أيضا على جو من السرية والغموض، فلا ينبغى لأحد الإفصاح عن التنقيب إلا بعد انتهاء العملية، إنها القواعد التى لا يمكن مخالفتها.
المنقبون عن الآثار يتسلحون دوما بسيل لا ينقطع من الحكايات عمن أخرجوا الكنوز وعاشوا فى النعيم، كما يتذرعون بفراغ قاتل يحرضهم على بدء مثل هذه النوعية من المغامرات التى لا تفضى عادة إلى شىء لكنها على الرغم من ذلك لا زالت تجتذب الناس لخطف حظهم من الأعماق.
وينتشر الأمر بكثافة فى القرى عنه فى المدن حتى إن أحدا لا يمكنه إنكار أنه ساهم أو سمع عن عملية تنقيب عن آثار تبدأ عادة بحفنة من تراب الأرض التى ينتظر منها الخير وتنتهى فى الآخر بلا شىء سوى تضييع الوقت والجهد والفلوس فى بعض الأحيان دون أى طائل.
فى الصحراء المحيطة بطريق المطار يمكن مشاهدة آثار الغزوات المستمرة من اللصوص، فهناك شبكة أنفاق كاملة حفرها ناهبو ثروات الفراعنة، تتضمن حفرا ذات أبعاد متعددة تستلزمها عمليات التنقيب، وتتميز الحفر بالعمق الشديد، كما أن بقايا الحفر والتنقيب ملقاة إلى جوار كل منها، وتتضمن بقايا جماجم وعظام وتماثيل مكسورة وبعض القطع المحطمة.
المنقبون عن الآثار يخوضون الصحراء للبحث عن ثرواتهم المستقبلية باستخدام "موتوسيكلات"، ولاستخدامها مميزات عدة أهمها أنها سريعة وقوية ويمكنها الخوض فى الرمال والخروج منها بسهولة، كما أنها تتيح الهرب سريعا، فلدى رؤية أى خطر يقوم المتطلعون للخروج من المولد بأى حمص بالهروب سريعا مدعين أنهم كانوا فى رحلة خلوية.
"موط" العاصمة.. الكهرباء موجودة والمياه "مقطوعة"
انتشار الدراجات البخارية يشعر الزوار بأنهم فى سباق "موتوسيكلات".. ولا "تكاتك" فى المدينة
"موط" عاصمة تليق بواحة، مدينة صغيرة جدا تمتاز بشوارع واسعة وميدان يقسمها إلى أربعة محاور، سكانها خليط بين السكان الأصليين الذين توارثوا الأرض، والصعايدة الذين بدأوا مؤخرا فى شراء أراضٍ والبناء عليها.
ما لا يمكن شراؤه من موط قليل جدا، فالمدينة تحتوى على كافة أنواع المحلات، كما أن أنشطتها التجارية توسعت لدرجة أنها بدأت تعرف طريق "الكافيهات"، فالشباب بدأوا يعزفون ألحانهم الفتية فى المدينة التى تقولبت فى الماضى بقالب من البداوة.
فى العاصمة الصغيرة جمال خلقته المساحات الواسعة والارتفاعات المنخفضة للمنازل فلا أبراج سكنية فى "موط" ولا شركات عملاقة ولا بيوت ضخمة، فكل شىء فى المدينة صغير وهادئ، حتى إن المؤسسات الحكومية عبارة عن دور واحد أو دورين على الأكثر.
الزحام ظاهرة لا وجود لها على الإطلاق فى العاصمة النائية، فلا توجد ميكروباصات مسرعة ولا أتوبيسات نقل عام ولا عربات نقل ثقيل والأهم من ذلك كله أنه لا توجد "تكاتك" وهو ما يعد قمة الإعجاز فى بلاد تسارع فيها نمو العربة ذات العجلات الثلاث.
الموتوسيكلات منتشرة بشكل خيالى حتى إن الوافد الجديد للعاصمة سيشعر فى البداية أنه فى سباق كبير للموتوسيكلات، فالدراجات البخارية تدور وتدور بين القرى التى تتناثر كحبات اللؤلؤ فى المسبحة على جانبى العاصمة.
الأهالى يؤكدون ألا بيت واحد فى العاصمة وضواحيها يخلو من وسيلة المواصلات ذات العجلتين والمرايات والقدرة الرهيبة على الانسلال بين كافة أنواع المركبات فى سرعة فائقة وبمنتهى السهولة واليسر.
فى العاصمة الكهرباء دائما منورة البلد لأنه لا توجد أى مشكلة فى الكهرباء فبعد أن ظلت الواحة شبه محرومة من الكهرباء حتى عام 2007 أستطاعت الضغوط الأهلية هناك استخلاص صك الكهرباء فلم تشهد نواح العاصمة أى انقطاعات منذ ذلك الحين.
المياة فقط تنقطع بشكل ثابت بين العشاء والفجر وهو أمر قال عنه الأهالى أنه ضرورى لإراحة المواسير التى ترفع الماء من الآبار التى تغذى المناطق كلها بالمياه، فلا يمكن للآبار التى يحفر الأهالى منها كل يوم بئر جديد أن تظل على إمداداتها بلا انقطاع طوال الأربع والعشرين ساعة.
الآبار نوع من المشروعات التى لا تنقطع أبدا فى المدينة فما إن تذهب إلى أى مكان حتى تجد البريمات تحفر فى الأرض بينما العمال والمهندسون متناثرون ، لكن الأهالى لا يعتمدون فقط على ما تقدمه الدولة فى هذا المجال ، إذ أنهم يحفرون بالجهود الذاتيه عددا كبيرا من الآبار سنويا لرى الأراضى الزراعية التى يسقونها بشكل منتظم وعلى مساحات واسعة للوفاء بتعاقداتهم مع شركات تشترى منهم المحصول كاملا فى كافة العروات الشتوية والصيفية وهو ما يجعل من واحة الداخلة منتج ممتاز لكافة أنواع المحاصيل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة