أحمد حسن عوض يكتب: صلاح عبد الصبور .. ميلاد جديد

الجمعة، 08 مايو 2015 02:00 م
أحمد حسن عوض يكتب: صلاح عبد الصبور .. ميلاد جديد الشاعر الكبير صلاح عبد الصبور

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قليل هم الشعراء الذين يتمتعون بقدرات استثنائية تمكنهم من تشكيل الذوائق الجميلة و التجذر فى الصفحات المضيئة التى يكتبها التاريخ الأدبى بزهو يؤكد الاقتدار ويغرى بالتأمل .

وصلاح عبد الصبور – الذى نحتفى هذه الأيام بذكرى ميلاده – واحد من هؤلاء الشعراء الكبار الذين تألقوا فى سماء الإبداع المصرى فى النصف الثانى من القرن العشرين، وأظن أن بريقه الشعرى والمسرحى الآسر سيظل يشع معرفةً وإمتاعًا وعمقًا، قل أن تجد له نظيرًا فى إبداعنا العربى المعاصر، فقد استطاع أن يجدد فى الشعر على مستوى المعجم والرؤية والبناء، وأن يعيد التأمل تنظيرًا وتطبيقًا فى وظيفة الفن وعلاقته بالمجتمع، وفى دور المثقف وجدله مع السلطة، وأن يصوب الأضواء الباهرة على علاقة الشعر بالفكر وتوظيف الشعر الأسطورة واستلهامه للموروث وأن يستبطن مفهوم اللغة الشعرية ويجد تجلياتها فى الدراما الشعرية والمسرحية، منطلقًا فى كل ذلك من رؤية جمالية كلية، شاملة، متطورة متسقة فى تفاصيلها – إلا فيما ندر – تنمو من الداخل دون أن تدير ظهرها للمؤثرات العالمية المتنوعة أو الروافد التراثية العريقة، ودون أن تتعالى على تفاصيل الحياة المعيشية بل تغمس يدها فى تربتها الساخنة بالصراعات والتوترات، النابضة بالأحلام والتصدعات.

وكان صلاح عبد الصبور طامحًا – فى الآن ذاته – للمشاركة فى المنتج الأدبى العالمى وكان دائما يردد: إن الشاعر الذى لا يشعر بانتمائه إلى التراث الإنسانى شاعر ضال.
ولولا موته المبكر الفاجع بعد أن تجاوز الخمسين بشهرين لكان لنا شاعر عالمى يطاول أدباء نوبل ويحظى بتقدير عالمى رفيع، لاسيما أنه ينوى أن يخرج درويشا معتمرًا فى أرض الشعر مرة أخرى بعد أن كانت حياته فى الفترة الأخيرة نثرا يتخلله الشعر وبعد أن سجل هذه الرؤية الشعرية فى نصه الأخير (عندما أوغل السندباد وعاد):

كل شىء تجلَّى له وتكشَّفَ
كان انحدار المياه إلى منبع النهر حتماً
وصار الرحيل
مللا يستطيل
ثبَّتَ السندباد مجاديفه، و أدار الشراع عن الريح
واستعد ليوم المعاد
في فصول الرحيل الطويل
عرف السندباد الصباحات
عرف السندباد الأماسي
كان بعض الصباحات يتسع البحر فيهِ
ويصبح كونا من الطيب و اليشبِ
والشمس مجمرةٌ تتدلَّى مجامرها الذهبيةُ
ثم يعانقها الغيمُ
كاشفاً سرَّ ألوانها السبعة المستكنة فيها
يُخرج البحر ألوانهُ
يمزج البحر ألوانهُ
يتبارى مع الشمس وصلا و عشقاً
و يبذل حتى تحل العرَى
و يذوب الوجومُ




موضوعات متعلقة..


فى ذكرى ميلاده.. صلاح عبد الصبور شاعر يشبه القصيدة








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة