مع كل التحديات الأساسية للجهاز الأمنى فى مواجهة الإرهاب يبقى الدور الأساسى فى مواجهة الجريمة الجنائية المتمثلة فى القتل والاغتصاب والسرقة وضبط المجرمين والقضاء على بؤر المخدرات، لأن أداء مكافحة الجهاز الأمنى للجريمة الجنائية هو الأساس فى تقييم الجهاز الأمنى كجهاز نجح فى نشر الأمن فقط أم نجح فى نشر الأمن والسيطرة أيضًا.
بين مصطلحى نشر الأمن وفرض السيطرة فارق كبير، يكمن فى مثال واقعى بحى المهندسين بمحافظة الجيزة، ففى منطقة ميدان لبنان توجد نقطة مرور ميدان لبنان تضم عددا لا بأس به من الضباط ينصبون كمائن ثابتة ومتحركة فى أوقات مختلفة أبرزها على الإطلاق كمين مرورى يبتعد بالتحديد 17 مترا عن شارع جانبى بمنطقة ميت عقبة وهو شارع معروف لدى كل الأوساط بأنه شارع الاتجار فى المخدرات بجميع أنواعها «حشيش، بانجو، هيروين، حبوب»، ولك أن تتخيل أن بيع المخدرات يكون فى وسط النهار وأمام الجميع.
ننطلق أنا وأنت من تلك الواقعة ونجيب عن الأسئلة المحورية: هل ينتشر الأمن فى ميدان لبنان؟ والإجابة نعم، ولكن هل يفرض الأمن سيطرته فى ميدان لبنان وفى شارع ميت عقبة الذى يبعد عنه 17 مترا؟ والإجابة تكون لا، وهنا مربط الفرس، فالأصل فى عمل الجهاز الأمنى، ليس أبدا نشر الأمن، ولكنه فرض سيطرة الأمن إلى درجة تدفع كل المجرمين أو حتى المشتبه فيهم إلى الابتعاد عن محيط الأمن والاختباء فى الجحور، وهو أمر لم يحدث.
جانب آخر من التفكير فى معالجة الجهاز الأمنى لوكر المخدرات بميت عقبة، فالأصل أن يكون رجال المباحث أو رجال المخدرات فى دوريات مختلفة على الشارع أو أن يكون على رأس الشارع رجال أمن لضبط أى شخص يحمل مخدرات للتعاطى أو الاتجار ولتجفيفها تماما من المخدرات، ولكن الغريب أنك ستجد رجل مرور على رأس الشارع ولا تجد رجل مباحث، هو أمر يعكس لك اضطرابا فى المعالجة الأمنية وفى الدفع بشخص غير مناسب فى مكان غير مناسب.
هنا، أنا وأنت نكون فى حيرة، لماذا يتجاهل الجهاز الأمنى التعامل مع منطقة ميت عقبة باعتبارها وكرا للمخدرات؟ ولماذا لا يشكلون خلية عمل صغيرة على هذه المنطقة فقط ودوريات نهارية وليلة لتجفيفها تماما من الإرهاب، ليتحولوا من دائرة نشر رجال الأمن إلى دائرة فرض السيطرة الحقيقية وتجفيف منابع المخدرات بالمنطقة؟!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة