إشمعنى.. أصبحت كلمة تبرر جريمة، لمجرد أن هناك جرائم أخرى يرتكبها مخطئون. وتعبر عن الازدواجية والتهوين والتهويل، وانقسام يمنع من رؤية الواقع، أو الاستفادة منه، ويدخله فى جو الشائعات. ويمكن للمراقب وهو مغمض العينين، أن يتوقع «مين هيقول إيه فى كل واقعة». سواء المؤيدين للدولة أو النشطاء والحقوقيين. مع أن العالم الذى نراه سبقنا يتعامل بأشكال يمكن أن نستفيد منها.
فى قضية سيدة المطار هناك من اعتبروا سلوكها لا يمثل اعتداء على القانون. وقالوا إن هناك كثيرين يستخدمون نفوذهم، مثل السيدة «إشمعنى جات عليها»، يبررون الجريمة بأن هناك من يرتكب جرائم. ولايمكن تبرير سلوك عدوانى للسيدة، وإهانة ضابط لمجرد أن هناك زملاء له يرتكبون جرائم. ونفس الأمر فى الدفاع المستمر عن أخطاء الضباط لأنهم يتعرضون لخطر. الطبيعى أننا نسعى لأن يطبق القانون على المخطئ، سواء كان مواطنا أو رجل بوليس.
المواطنون يدعمون الشرطة، وهى تقوم بدورها، فى حفظ الأمن طالما التزمت بالقانون، ويقدرون الشهداء فى مواجهة الإرهابيين والمجرمين، وفى نفس الوقت، نطالب بحساب من يعتدون على الحريات أو يستغلون نفوذهم. وهو خدمة للمجتهدين. وعلى الجانب الآخر، علينا أن نرى ما تفعله الدول الأخرى لنتعلم، للمفارقة أنه تم عرض فيديو مشابه لسيدة تطاولت على شرطة مطار فى الولايات المتحدة، فانهالوا عليها ضربا وأصابوها، وأحالوها للمحاكمة.
وفى أحداث بالتيمور بولاية ميريلاند الأمريكية كشفت التحقيقات عن اتجاهات عنصرية ضد السود، ومع هذا تعاملت الشرطة مع المظاهرات بعنف، ومع هذا اعترف الرئيس الأمريكى والإدارة بالخطأ، وتم إيقاف 6 ضباط ومسؤولين بالشرطة، لأنهم ارتكبوا أخطاء، حافظوا على هيبة الدولة، وأحالوا المخطئين للمحاسبة.
وعلى ذكر هيبة الدولة الشرطة الأمريكية، قتلت مسلحين معرضا للرسوم الكاريكاتورية المسيئة للنبى، فى ولاية «تكساس» ولم يعترض أحد ولا أى من المنظمات الحقوقية الأمريكية، باعتبار أن حمل السلاح أو الاعتداء على الشرطة أو الممتلكات جريمة لا تهاون معها. بينما خرجت مظاهرات ونظم نشطاء مسلمين ومسيحيين مظاهرات وفعاليات ضد المعرض المسىء، فعلوا هذا بإذن واستخدام لحق التظاهر طبقا للقانون. على العكس من سلوك نشطاء وحقوقيين عندنا دافعوا عن سيدة شاركت فى قتل وتعذيب ضباط قسم كرداسة، وعندما طلب منها المأمور أن يشرب وهو صائم وسقته ماء النار. هذه المتهمة وجدت نشطاء حقوقيين يدافعون عنها ويعتبروها مناضلة وسجينة رأى. كان يمكن تفهم رأى منظمات ترفض أساسا حكم الإعدام، لكن أن يتم تجاهل الجريمة وتبرير العنف باسم حقوق الإنسان، فهذا يدخل ضمن «حقوق ماء النار».. إنها الكلمة الملعونة «إشمعنى».