عندما يحصل قادة الطائرات على 15000 دولار شهريا، ويقال إنهم ثروة قومية، لأن الدولة أنفقت عليهم الكثير لتدريبهم «وهذه حقيقة»، فماذا نقول عن الأطباء والمهندسين والمحامين والمدرسين والصحفيين والكتاب والمترجمين والتشكيليين والسينمائيين.. والعلماء المساكين.
أشكو لمين وأنا متخرج فى كلية الطب وكاتب ومترجم وأنفقت آلاف الجنيهات على الكتب، وعلى الثقافة طوال ربع قرن وقبلها 20 عامًا أنفق على أبى والدولة لأتعلم.. والنتيجة.. ضحك كالبكاء.. وبكاء كالعواء.. وعواء كالثغاء.. وثغاء كالبغاء.
فعند نشر مقال مترجم تحصل على جنيهات معدودات بحجة أن الميزانية لا تسمح، وعند نشر قصة أو قصيدة يخبرونك أنهم لا يدفعون لنشر الإبداع أو يضعونه فى مرتبة مادية أدنى من المرتبة المتدنية للترجمة.
وينشرون شغلك كأنهم يتفضلون عليك.. رغم أنه لولا شغلك وشغل الآخرين ما كانوا هم رؤساء تحرير يحصلون على آلاف الجنيهات.
ولا يبخلون عليك بالتقدير الأدبى من قبيل أنك رائع وجميل وشغلك متميز ومهم وكاتب رائع ومترجم كبير.. لكنهم لا يكتبون عن أعمالك ولا يستعينون بك فى دوائر المصالح عند تأسيس مجلة أو جريدة أو غيرها، ولا يدعمون حصولك على جائزة، لأنك لست ضمن دوائرهم وجيتوهاتهم وتربيطات المصالح المتبادلة.
والأسوأ على الإطلاق عندما تتعامل مع دور النشر الخاصة التى أثرى أصحابها من نشر الكتب بكل الأشكال والطرق، بينما يصرون على مساومتك لتدفع مساهمة معهم أو حتى لا تحصل على مقابل وتكتفى بالنشر وأمل فى الحصول على نسبة لا تزيد عن 1%0 من سعر الغلاف، وحتى عندما يتفقون معك على مقابل مادى زهيد، يتهربون من سداده مرة بعد مرة بعد مرة ويسددونه على دفعات تجعلك للمتسول أقرب.. فتحاول أن تطير أو تغوص فتجد نفسك قد تحولت إلى تمثال لشخص أصابته لعنة الكتابة وهوس الإبداع وحرفة الترجمة.
وإذا مرضت لا تجد دخلا مثلك مثل عمال التراحيل..
أى بوابة حزن جهنمية فتحها خبر إضراب الطيارين احتجاجا على مبلغ الـ15000 دولار، وقبلهم مطالبة المدرسين والأطباء وغيرهم بكادر خاص، ومطالبة الجميع بتعويضات عن ركود سنوات ما بعد 25 يناير 2011 وحتى الآن، بينما أنت يا ضمير الأمة وروحها وحواسها وبصرها وبصيرتها.. مجرد مجذوب شحاذ يبحثون لك عن مستعمرة عقاب.