الأجواء ملبدة بالسحب السوداء فى اليمن، فبعد أن أعلنت السعودية منذ أسبوعين وقف «عاصفة الحزم»، توقع المتفائلون أن تكون الـ2500 غارة جوية قد كسرت جبروت الآلة العسكرية للحوثيين وقوات على عبدالله صالح، وأن يعود الرئيس الشرعى عبدربه منصور إلى صنعاء أو عدن، وأن يرحل الثعبان صالح وعائلته إلى عُمان، وأن يتنفس اليمنيون الصعداء.. ولكن جاءت الرياح بما لا تشتهى السفن، حدث العكس وسقط القصر الأخير للرئيس فى عدن فى أيدى الحوثيين، إيذانا بسيطرتهم على كل اليمن والمدن الرئيسية صنعاد وعدن وتعز.
لم تُدك عظام الحوثيين ولم يرحل صالح، ولم تنجح المقاومة الشعبية فى حماية المدنيين، واستغاثت الحكومة اليمنية بمجلس الأمن لإنقاذهم من جرائم الحرب، وزادت ضبابية الأحداث بعد قيام الحوثيين بضرب نجران جنوب السعودية، أثناء انعقاد قمة قادة مجلس التعاون بحضور الرئيس الفرنسى هولاند لمناقشة الأزمة اليمنية، والملف النووى الإيرانى الذى ترعاه واشنطن، وبات واضحا أن تحركات إيران والحوثيين، إما تستهدف جر السعودية لحرب برية لم تقررها بعد، أو بعث رسالة للرياض بأنهم سيتبعون استراتيجية الهروب إلى الأمام بتوسيع دائرة الصراع فى الأراضى السعودية، او استفزاز حكامها للقيام برد فعل تصعيدى عنيف يؤدى إلى تدويل الصراع فى المنطقة وزيادة تعقيد الأزمة. تبعا لذلك لا يمكن القول إن عاصفة الحزم قد فشلت لكنها - أيضا - لم تحقق أهدافها، لأن التفوق الكامل كان فى الجو وليس الأرض، ولم تنجح الفرصة الأخيرة لالتقاط الأنفاس وإحياء الجهود السياسية ووقف نزيف الدم.
إيران لا ترغب فى ذلك ولا تحبذ التسوية السياسية وتخطط لتوسيع نفوذها فى باب المندب، واستثمرت الرضاء الأمريكى السامى حول ملفها النووى، واعتبرته ضوءا أخضر لاستعادة الحلم الفارسى القديم، فى ظل التنافس المحموم للقوى الإقليمية لتصدر عجلة القيادة فى المنطقة.
لله الأمر.. فيبدو أننا أمام سيناريو مشابه لما حدث فى زمن الرئيس عبدالناصر فى اليمن - مع إدخال تعديلات على السيناريو والحوار - فقد أرسل جيشه لهذا المستنقع الجبلى الوعر، وتصور أنها حرب تستمر لساعات، فتورط فيها سنوات وسنوات.