فى مستنقع الأكاذيب لا تسبح سوى الأسماك الميتة، واتبع الإخوان إستراتيجية «تثمين الكذب» وتبسيطه وتكراره فربما يصدقه الناس، ولكن انقلبت عليهم ألسنتهم وعجلت بنهايتهم، وشيدت بينهم وبين الناس جدارا سميكا من عدم الثقة، فمنذ اللحظة التى أعلنوا فيها عدم خوضهم الانتخابات الرئاسية وحنثوا بوعودهم ودفعوا بالشاطر ثم مرسى وانقضوا على البرلمان، بعد إقصاء كل القوى السياسية، أصبحت الجماهير تتحسس مسدسها، كلما سمعت كوادرهم يستعرضون عضلاتهم فى الفضائيات ووسائل الإعلام، فطائر النهضة الذى بشر به مرسى انقلب غرابا، وأنهار العسل التى وعد بها العريان أصبحت خلا، والأكثر غرابة أن الرئيس المعزول امتدح الطوارئ، زاعما أنها مذكورة فى القرآن، وهو يجلس على كرسى الحكم، بينما هو وجماعته كانوا الأكثر شجبا وبكاءً على أطلالها وهم خارج السلطة.. لم تكن كذبة أو اثنتين أو ثلاثة أو عشرة، وإنما أسلوب ممنهج يتم استدعاؤه فى كل المواقف.
يقول المثل: «من يخدم سيدين يكذب على أحدهما» واختار الإخوان أن يخدموا أنفسهم ويكذبوا على الشعب.. واخترعوا فزاعات يصعب حصرها لمحو الحقائق وتمرير الجرائم، منها اللهو الخفى والطرف الثالث، فضاعت دماء الشهداء هباء لأن شباب الإخوان كانوا القتلة الملثمين المندسين فى المظاهرات لتصفية خصومهم ومنافسيهم، ولكن يمهل ولا يهمل وحاصرتهم الفضيحة فى أحداث الاتحادية، التى كانت مسمارا نفذ فى قلب الإخوان، ووقف رئيسهم المعزول يوزع الاتهامات الظالمة على الأبرياء، ويتوعد معارضيه بالانتقام والعقاب، دون أن يستوعب أن الجماهير الغاضبة ودعت الخوف وتمردت على الخنوع.
حتى فى القضايا القومية والوطنية طعنت أكاذيب الإخوان صمود مصر وتضحيات أبنائها، وتجسدت المهزلة فى بهلوانية صفوت حجازى «بالملايين على القدس رايحين»، ولم يضع فى عينيه فص ملح وهو يزايد على المشاعر الوطنية، بينما رئيسه يصف شيمون بيريز بـ«عزيزى وصديقى العظيم»، وبينما يستشهد أبناء مصر الأبرار فى سيناء على أيدى عصابته ومجرمى حماس، تحت رعاية الإخوان وحمايتهم ودعمهم، وكان مستحيلا أن يصمدوا أمام وعى المواطنين البسطاء الذين اكتشفوا أن الإخوان لا يتذكرون ما يكذبون، فلبست الحقائق حذاءها وركلت الكذابين خارج قصر الحكم.