مضى عام على رئاسة عبدالفتاح السيسى للبلاد، وتبارت الأقلام حول سرد المنجزات، أو الإخفاقات، لكنى فى لحظة تأمل أدركت أن كل أدوات التقييم التى طرحت بعيدة كل البعد عن رؤية الواقع السياسى أو الاجتماعى أو الاقتصادى، وطفا على سطح مخيلتى أن عام السيسى بألف عام؟!!
نعم ألف عام من عمر الدولة المصرية.. نعم عادت بنا الحرب الإرهابية وبالدولة إلى مطلع القرن الثانى عشر، حينما تكالب على مصر «الصليبون من جهة والتتار من جهة أخرى» وتصارع المماليك على الحكم، والآن من يدقق فى المشهد يجد التتار الجدد «داعش» والصليبين الجدد «الإمبريالية العالمية والصهيونية»، ولأول مرة فى تاريخ الدولة المصرية تتم محاصرتها من كل الجهات: حماس شمالا، الترابى جنوبا، أنصار الشريعة غربا، والجيش الحر وداعش شرقا، وتتآمر علينا أغلب دول الإقليم، تركيا وإيران وقطر، وعلى الصعيد الداخلى الإرهاب يشن حرباً ضد القوات المسلحة والشرطة والمدنيين، دفعنا فى ذلك العام المنصرم آلاف الضحايا بين شهيد وجريح، والجماعات المتزمتة فرضت واقعا متخلفا جعلت من خلاله النظام الاجتماعى يتوغل على النظام السياسى، وفرض القضاء العرفى سطوته على دولة القانون، «الفتنة الطائفية» تفعل فعلها فى تديين أوجه الصراعات، وللمرة الأولى يتضافر الدينى مع العرفى، ويتهدد كيان الدولة والمواطنة بالتهجير القسرى.
هل يمكن تقييم عام السيسى الرئاسى فى ضوء تلك المعطيات؟ هل هناك ملك أو سلطان أو رئيس مصرى واجة تلك المشكلات؟ منذ عام كنا نكافح من أجل استعادة الاعتراف الدولى والإقليمى الأفريقى، منذ عام ونحن نقف على حافة الحرب الأهلية، ومحاولات دموية من جماعات الإرهاب المدعومة من مخابرات دول مختلفة إسقاط الدولة وتمزيق المجتمع، وهل لفت نظركم ماذا يفعل «بارونات الإعلام»؟ ومحاولات فرض زعامات وهمية ؟ وماذا يفعل بعض «المماليك المباركية» فى محاولة استعادة القلعة، تارة عبر رموز فى الخارج أو عبر الانتخابات التشريعية مستقوين بالدستور «الموسوى»، جنبا إلى جنب مع محاولات بعض مافيات رجال الأعمال شراء الدولة ؟!!
نعم نحن نعانى من إشكاليات اقتصادية، واهتزاز فى الحريات، وفتن طائفية، وتهجير قسرى، ولكن شكرا للسيسى لأنه ما زال لدينا دولة وعلم ونشيد، ومواطنة منقوصة لدى قطاعات من المواطنين، مثال الأقباط، ولكن ما زال لدينا وطن يمتد من الإسكندرية وحتى حلايب وشلاتين، لدينا شهداء وجرحى ومهجرون، لدينا إرادة صنع مواطنة وديمقراطية وحداثة، يد تبنى وأخرى تقاوم الإرهاب وجماعات الظلام، وكما قال محمود درويش: « آه يا أفق تجلى من حذاء مقاتلا لا تنغلق».