سائق التاكسى الشهم والشجاع الذى ساهم فى إفشال الهجوم الإرهابى على معبد الكرنك بالأقصر الأربعاء الماضى نال من الاستحسان والشكر، والتغنى بوطنيته وشجاعته الكثير، وآخرها من المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء، فى زيارته السريعة للأقصر مساء الخميس، والذى صرح وقال إننى أبحث عن السائق لأشكره على واجبه الوطنى، بعد إسراعه بإبلاغ الأمن بالاشتباه فى ثلاثة إرهابيين كانوا يستعدون لعمل إرهابى كبير فى المدينة السياحية الأشهر، بالتزامن مع افتتاح الرئيس السيسى قمة التكتلات الأفريقية فى شرم الشيخ.
السائق الذى بعد وقت قليل سوف ننساه، وننسى ما قام به من بطولة حقيقية، كان كل آمله وأمنيته أن تجدد رخصته! لأن مساهمته فى منع الهجوم الإرهابى نابعة من حبه لمصر، يذكرنا بالسائق نفسه الذى ألقى القبض على أحد الإرهابيين كان يحاول زرع عبوة ناسفة بالقرب من فندق الشيراتون وقسم الدقى عقب فض اعتصامى رابعة والنهضة، وبالتأكيد لا يستطيع أحد التعرف عليه الآن بعد أن عاد إلى معاناته اليومية فى مهمة البحث عن قوته اليومى، وتعرضه لعشرات المضايقات من بعض أفراد المرور والزبائن.
وهنا نتساءل: هل الشكر وحده للسائق، وهو واحد من المواطنين البسطاء والشرفاء الذين يقدمون التضحيات، ولا يحصلون فى مقابله إلا على الشكر على الوطنية والتضحية والفداء.. هل هذا هو حسن الجزاء؟
لا أتحدث عن مكافأة فردية أو تكريم شخصى للسائق، وهو يستحق، إنما عن الرسالة التى يجب على الحكومة، وجهاز الأمن الداخلى فى مصر أن يدركها من وراء البطولة والتضحية من المواطن المصرى البسيط الذى لا ينتظر جزاءً ولا شكورًا، إنما يحلم ويتطلع إلى حياة إنسانية كريمة يشعر فيها بإنسانيته وكرامته من جميع أجهزة الدولة، خاصة جهاز الأمن الداخلى فى التعامل اللائق معه فى الشارع، وفى أقسام الشرطة، وفى وحدات المرور، لأن هذا المواطن البسيط هو حائط الصد الأول للدفاع عن أمن مصر واستقرارها، أو هو الظهير الشعبى للشرطة والأمن وعيونها الساهرة أيضًا.
الشكر وحده باللسان لا يكفى، لكن نحتاجه معاملة، وتغييرًا فى السلوك من جانب الأجهزة الحكومية- ومنها الأمن بالطبع- تجاه المواطنين، لتأكيد أن هناك مرحلة جديدة ينتظرها ويتمناها حتى الآن.