ننادى جميعا بأن يذهب أبناؤنا إلى المتاحف، لكننا لم ننتبه وسط كل هذا إلى أن هناك بالفعل رحلات مدرسية عديدة تزور متاحفنا فى الكثير من الأيام ولم نسـأل أنفسنا: ماذا استفاد هؤلاء التلاميذ من هذه الرحلة؟ وكيف سيتعرفون على تاريخهم إذا كانت برامج الزيارة تنحصر كل مرة فى الإطلاق فى المتحف لمدة معينة غالبا ما يتعامل معها الأطفال على اعتبار أنها فرصة للعب «الاستغماية» والاختباء وراء التماثيل والفتارين.
متاحفنا بائسة، وأمناء المتاحف الذين تعينهم الحكومة غالبا ما تنحصر مهمتهم فى الإشراف على مخازن المتحف وليس القيام بمهمة شرح مقتنيات المتحف للزوار، وأن هذا الوضع لا يسهم فى الارتقاء بمعرفة التلاميذ لحضارتهم وإنتاجها الفنى، فلابد أن نفكر فى طرق غير تقليدية من أجل جعل زيارات الطلبة للمتاحف «تفاعلية»، وهنا أقترح أن تتبنى وزارتى الآثار والثقافة فكرة التوسع فى إنشاء المتاحف الناطقة، حتى لو يتم عمل هذه المتاحف بشكل مصغر- مؤقتا- لعرض أهم مراحل التاريخ المصرى. ستسألنى: وكيف نجعل المتاحف ناطقة؟ وما هى التقنيات التى يجب اتباعها من أجل هذا الأمر؟ وكيف سنقوم بهذه المهمة فى ظل نقص موارد الدولة؟ وأجيبك بأن هناك عدة طرق لا تكلفنا الكثير، ولكنها قادرة على تحقيق هذا الحلم، أولها عن طريق عمل تطبيق يتم تنزيله على الهواتف المحمولة الحديثة مزودا بـ(qr code) ويتم تثبيت هذا الكود على فاترينة كل أثر، وحينما يريد الأطفال شرحا لأحد التماثيل أو الفتارينات يمكنهم تفعيل هذا الكود والاستماع للشرح، وعلى إدارة المتحف أن توفر أجهزة بديلة لمن لا يملكون مثل هذه التليفونات، بحيث يستفيد الجميع من هذه الخدمة، وعلى أية حال فما هى إلا سنوات قليلة وتصبح مثل هذه التليفونات فى أيدى الجميع. تتبقى هنا عقبة عدم وجود قاعدة بيانات مسموعة لدى وزارتى الآثار والثقافة، وهى مشكلة سهلة الحل فعلى الوزارات المختصة توفير المادة العلمية، ومن الممكن الاستفادة من خبرات مذيعى الإذاعة المصرية فى تسجيلها، وبذلك يسهم هؤلاء المذيعون فى رفع المستوى الثقافى لأبناء مصر بشكل إيجابى بدلا من أن نبكى كل يوم على حال الإذاعة المصرية التى تعانى من تكدس المذيعين دون عمل.
يبقى أن نقول إن أى مشروع يتطلب إرادة، والأهم دائما أن نتفق حول الفكرة وأهدافها، ومن المؤكد أن هناك عشرات الطرق التى ستمكننا من عمل مشروع كهذا، لتحقق متاحفنا أهدافها ويصبح لها دور أهم من كونها مساحة مناسبة للعبة «الاستغماية».