هل يمكن أن تعتزل جماعة الإخوان السياسة أو بصيغة أخرى: هل يمكن أن تعتزل العمل السياسى؟
فى الحديث عن محاولات الجماعة للبحث عن مخرج لأزمتها يتم تداول فكرة الاعتزال، ونقلت الزميلة «الشروق» فى عددها الصادر أمس الأول فى تقرير للزميل محمد خيال، أن راشد الغنوشى زعيم حركة النهضة التونسية يحمل مبادرة إلى المملكة العربية السعودية تتضمن ابتعاد إخوان مصر عن العمل السياسى لمدة 10 سنوات، مقابل الإفراج عن جميع معتقلى الجماعة، من أجل حل الأزمة التى تعيشها مصر منذ يوليو 2013.
لن أتوقف هنا عند ما إذا كانت «المبادرة» صحيحة من الأساس أم لا؟، ولكن حملتنى القصة إلى التفكير فى مسألة «اعتزال السياسة» أو «اعتزال العمل السياسى للجماعة»، فإذا أقدمت على ذلك ماذا ستفعل؟، ماذا تكون وظيفتها؟.
أى جماعة سياسية تفقد شروط وجودها، حين تفقد هدفها، فالحزب الذى يولد مبشرا فى قوته وملهما فى أهدافه وتحركاته يجذب له الناس، لكنه يتحول إلى قزم حين تصغر أهدافه، حين يرى أن الوجود فى حد ذاته هو هدف، ولو طبقنا هذه الحالة على جماعة الإخوان، سنجدها تاريخيا بدأت كجماعة دعوية، ثم سرعان ما تحولت إلى جماعة سياسية وتوظف الدين لأغراضها السياسية، ومارست الإرهاب الذى وصل إلى تدمير منشآت وقتل آخرين، ولم تتخل عن هذا المسار طوال تاريخها، وفى أوقات ممارستها لنشاطها الجماهيرى علانية ودون قلاقل ضدها، لم تتخل عن الإرهاب كورقة ضغط لبث الرعب لدى الآخرين.
استدعاء التاريخ ليس مجرد تذكرة للتسلية، وإنما كى نعرف منه كيف كانت الجماعة تتصرف فى أوقات أزماتها، هى كانت تعود إلى الخلف خطوتين كى تتقدم خطوة، وبالتالى فإن الحديث عن اعتزالها العمل السياسى مدة عشر سنوات لا يخرج عن أنه حالة لالتقاط الأنفاس، يتلوها عودة إلى النهج الأصلى كما حدث فى محطات تاريخية سابقة.
اعتزال «الجماعة» دون أن تعترف بما ارتكبته من أخطاء، يعنى أنها مجبرة عليه، وبالتالى تحصل على تعاطف الآخرين، وهذا يعنى البقاء فى حالة المظلومية التى تفننت فى ارتداء ثوبها فحصدت مغانم كثيرة، وعليه فإن الأهم من الاعتزال هو أن تعترف الجماعة بجرائمها التاريخية منذ تأسيسها وحتى الآن، وبعد ذلك يبقى الحكم للشعب، أما قصة الاعتزال ثم العودة بلا اعتراف بالجرائم فسيكون «ضحك على الذقون».
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة