أحاول جاهدًا أن أفهم الفتوى التى أصدرها شيخ- لا أريد أن أذكر اسمه- بأن المرأة المنتقبة واجب عليها أن تغطى عينيها إذا كانت مثيرة، والسؤال هنا: ما مواصفات العيون المثيرة الواجبة التغطية؟ وما حكم العيون التى يراها البعض مثيرة والبعض الآخر عادية؟، وللتأكد من فتنة عيون المرأة يجب أن ينظر لها الرجل مرة أو مرتين، وأحيانًا يدقق النظر، ومن يفعل ذلك يرتكب ذنبًا، لأن النظرة الأولى له والثانية عليه، وبالطبع هناك مذاهب واتجاهات فقهية كثيرة ومتعارضة، وأحيانًا تفسر الفتنة بلون العينين، والنقاب يظهر فتنة المقلة السوداء أكثر من المقلات الملونة، وكم من شاعر عربى ولهان سلبت العيون عقله، وأسكنته الجنون، وأسطورة الغناء العربى محمد عبدالوهاب له أغنية شهيرة يقول فيها «دارى العيون داريها.. والسحر باين فيها».. والسحر حرام، والسحرة مأواهم جهنم وبئس المصير.
عينا «ليلى» هما اللتان لحستا عقل امرئ القيس، فهام على وجهه فى الصحراء، يبحث عن عينيها فى وجه القمر، وكانت نوبات الجنون تزداد ضراوتها كلما غاب القمر.. ومعيار فتنة العيون لا يعتمد فقط على سحرها وجمالها، لكن على نوع النظرة الثاقبة التى يرميها الرجل على المرأة، وأحيانًا يرى ما لا يراه غيره، والمسألة ترتبط إلى حد كبير بدرجة إشباعه، وهناك فوارق طبيعية بين العازب والمتزوج، وبين العازب المؤدب والمتزوج «البصباص» القرفان من زوجته النكدية.
هل يدخل «الرمش» فى القياس؟، وأحيانًا تكون الرموش مثل السيوف، خصوصًا بعد حدوث تقدم هائل فى فنون «المسكرة» والرموش الصناعية السادة والملونة.. بالفعل، أنا مع الشيخ صاحب الفتوى فى أن المرأة إذا ارتدت النقاب تركز كل فتنتها وأنوثتها وسحرها فى عينيها، لأنها توقظ الغموض والمجهول والرغبة والضوء الذى يأتى من أعماق الليل، وحتى لو غطت عينيها فسوف تختزل سحرها فى صوتها، أو فى مشيتها أو فى حركات يديها.. فكيف يُطلب منها أن تغطى كل هذه الأشياء؟! ولماذا تخرج من بيتها أصلاً؟! .. هناك نساء عظيمات.. طبيبات ومهندسات ومدرسات وأساتذة جامعة وعالمات ومفكرات وشاعرات وأديبات.. فلماذا لا يهتم الشيوخ إلا بجسد المرأة، وينكرون عقلها؟.. كل سنة وأنتم طيبين.