خسرت المحكمة الجنائية الدولية معركة جوهانسبرج ضد الرئيس السودانى عمر البشير، واستحقت الهزيمة الثانية بعد الهزيمة الأولى فى نيجيريا عام 2013، والتى زارها البشير، وهى إحدى الدول الموقعة والمصدقة على ميثاق المحكمة.
الخسارة لن تحتملها المحكمة الدولية المشكوك فى قراراتها، والتى- كالعادة- تكيل بمكيالين ضد العرب والأفارقة، فقرار محكمة بريتوريا بمنع سفر الرئيس البشير من أراضى جنوب أفريقيا خلال حضوره القمة الأفريقية مع 50 زعيمًا أفريقيًا لم يغضب السودان والعرب فقط، بل أثار ردة فعل رافضة من الزعماء الأفارقة، ومن جنوب أفريقيا نفسها، فقد أعلن حزب المؤتمر الأفريقى الحاكم رفضه القرار، ودعا حكومة جنوب أفريقيا إلى رفض تنفيذه، وتحدث الحضور بثقة بأن البشير مستمر فى المشاركة فى القمة، وسيعود إلى بلاده بعد انتهاء أعمالها، وهو ما حدث بالفعل.
الاتحاد الأفريقى نجح فى اختبار الإرادة والتحدى، وواجهت المحكمة انتقادات واسعة من زعمائه، فالمحكمة الدولية لا تركز سوى على أفريقيا، ولا ترى الانتهاكات فى دول أخرى، ولم تنجح المحكمة منذ تأسيسها عام 2002 فى تقديم مجرمى الحروب والإبادة البشرية فى إسرائيل وأمريكا ومناطق كثيرة فى العالم، وهزمتها واقعية السياسة، ورغم أن السودان لم يوقع على ميثاق المحكمة، مثله مثل أكثر من 70 دولة أخرى منها أمريكا وإسرائيل، فقد أصدر المدعى العام السابق للمحكمة، الأرجنتينى أوكامبو، مذكرة توقيف للرئيس البشير فى 2008 بتهمة ارتكاب جرائم حرب فى دارفور، فى سابقة هى الأولى لرئيس دولة مازال حاكمًا لبلاده، رغم أن خبراء القانون الدولى رأوا أن محاكمته ليست بالسهلة، والقضية معقدة.
المحكمة الجنائية الدولية منذ تأسيسيها وهى تغض الطرف، وتتجاهل جرائم الحرب والإبادة البشرية فى أنحاء كثيرة من العالم، خاصة فى العراق الذى شهد مقتل أكثر من مليون عراقى بسبب العدوان والاحتلال الأمريكى عليه، وضد الشعب الفلسطينى من مجرمى الحرب فى تل أبيب، وفى جوانتانامو وفى غيرها، لأنها- أى المحكمة بالطبع- لا تقدر على مواجهه إسرائيل وحليفها الأكبر الولايات المتحدة الأمريكية .
بسبب عجز المحكمة الدولية عن تقديم مجرم حرب واحد فى حروب الإبادة ضد الشعوب العربية والأفريقية، فلن يتعامل معها الأفارقة والعرب، ومعهم دول كبرى أخرى مثل روسيا والصين والهند، وعليها أن تعيد النظر فى ميثاقها، والتركيز على حل النزاعات بين الدول.