ناجح إبراهيم

الشر والأشرار.. من هم ؟!

الخميس، 18 يونيو 2015 06:42 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أنبئكم بشراركم؟!» قالوا: بلى يا رسول الله.. قال: إن شركم الذى ينزل وحده «أى الأنانى» ويجلد عبده ويمنع رفده «أى عطاءه» ثم أردف قائلاً: أفلا أنبئكم بشر من ذلك؟ قالوا: بلى إن شئت يا رسول الله. قال: «من يبغض الناس ويبغضونه». ثم أردف قائلاً: أفلا أنبئكم بشر من ذلك؟ قالوا: بلى إن شئت يا رسول الله. قال: «الذين لا يقيلون عثرة ولا يقبلون معذرة ولا يغتفرون ذنباً» أفلا أنبئكم بشر من ذلك؟ قالوا: بلى إن شئت يا رسول الله. قال: «من لا يرجى خيره ولا يؤمن شره». هذا الحديث العظيم يعد من روائع النبوة رغم أنه يتحدث عن أهل الشر ومن هم أشر منهم.. إلا أنه يكاد يشرح الحالة الإنسانية والنفسية لفصيل من الأشرار تتفاوت درجاتهم فى الشر.. ما بين شرير وأشر منه.. وسيئ وأسوأ منه. والرسول (صلى الله عليه وسلم) قد يتحدث عن الخير ليحث عليه ويرغب فيه ويؤز الناس عليه أزاً ويدفعهم إليه دفعا .

وكثيراً ما يتحدث عن الشر وأهله محذراً الناس منه ومنفرا عنه وداعيا إلى اجتنابه وتركه. وفى الحقيقة لم أجد أفضل من هذا الحديث فى التحذير من الشر والأشرار وبيان درجاتهم والتعمق فى نفسياتهم المريضة ومدخلهم السيئ.. وكأن الحديث يشرح أعماق الشر والأشرار. وقد يتعجب القراء لماذا اخترت هذا الحديث بالذات دون غيره؟!.. لأننى كلما تأملته رأيت هذه الأنواع التى ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أصبحت فوق سطح المجتمع المصرى وليس فى قاعه.. وهى تجهر بآفاتها وأدوائها بعد أن كانت تستتر بها، فالأنانى الذى يدور حول ذاته ولا يحب إلا نفسه ولا يعبد إلا هواه وذاته تراه الآن فى كل مكان حتى صار الدوران حول الذات والتمحور حولها هو أهم سمات الكثيرين من شعوبنا اليوم..

وبعضهم يراه محمدة لا مذمة فيه وشعاره «نفسى نفسى.. وذاتى ذاتى.. وأنا ومن بعدى الطوفان» أما الصنف الثانى الشرير الذى ذكره الرسول هو ذلك الإنسان القاسى الفظ الغليظ الذى لا يكف عن ضرب من يسيطر عليه أو يتحكم فيه أو يقدر عليه سواء كان عبداً أو جندياً أو خادماً أو سائلاً أو فقيراً أو سجينا أو معتقلاً أو يتيماً، فهؤلاء الذين لا يكفون عن ضرب من تحتهم أولئك قوم لا خلاق لهم فى الدنيا ولا فى الآخرة.. وقد وصفهم الحديث الشريف بوصف موجز ومؤثر بعنوان «ويجلد عبده» وكم قابلت الكثير من هذا النوع فى السجون والمعتقلات ممن يعشقون الأذى من المخبرين والشاويشية أو البلطجية الذين يؤذون غيرهم من المواطنين الغلابة ممن «لا يملكون حيلة ولا يهتدون سبيلا».

أما النوع الثالث فهو الذى عبر عنه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: «الذى يمنع رفده» وهو الذى يمنع الخير عن الناس حتى وإن لم يضره العطاء وقد وجدت هذا النوع كثيرا فبعض الناس وضع احتياطيا كلمة «لا» فى فمه تنطق أوتوماتيكيًا ويقولها لكل من يطلب منه حاجة أو مساعدة أو قضاء مصلحة، فهو يمنع رفده المادى والأدبى أو المعنوى وقد يمنع الرفد الذى قد يأتى على يد غيره. أما الأشر منه فهو من يبغض الناس فيقابل الناس بغضاءه وكراهيته ببغضاء أخرى فمن أحب الناس أحبوه ومن أبغضهم أبغضوه ومن أقبل عليهم أقبلوا عليه ومن أعرض عنهم أعرضوا عنه، فالحب لا يكون أبداً من طرف واحد وكذلك الكراهية، فمن بذل الحب وجده حتى لو بذله لحيوان أو نبات، ألا ترى أن الأرض لا تعطى أسرارها وخيرها وثمراتها إلا لمن أحبها والطب كذلك والجراحة وكل العلوم كذلك بل الحياة والدين كذلك. ثم تحدث الرسول صلى الله عليه وسلم عمن هو أشر من هؤلاء جميعاً فقال: «الذى لا يقيل عثرة ولا يقبل معذرة ولا يغتفر ذنباً».

آه.. يا سيدى يا رسول الله وكأنك تتحدث عن زماننا وبلادنا ودنيانا.. فما أكثر أولئك الذين لا يغفرون لإخوانهم أو بنى وطنهم ذنبا ولا يتأسون يوما بالغفور الرحيم سبحانه الذى ينادى عبده المذنب: «عبدى لو أتيتنى بقراب الأرض خطايا ثم لقيتنى لا تشرك بى شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة» وكم من أناس بيننا الآن لا يقيلون عثرة الفارس إذا كبا أو السيف إذا نبا أو الصالح إذا أخطأ؟ فأين أولئك الذين يقيلون العثرات ويغتفرون الخطايا ويقبلون اعتذار المعتذر؟ بل أين أصحاب الصفح الجميل أو الرغبة فى الصلح؟.. فالجميع الآن يهتف بغباء ودون وعى على خصومه السياسيين أو الدينيين من بنى وطنه «الثأر- القصاص- الدماء- القتل- التكفير- التفجير- الإعدام- السجون- التعذيب». أما الأشر من هؤلاء جميعاً فهو من «لا يُرجى خيره ولا يُؤمن شره».. فلا خير يقدمه لنفسه ولا لأصدقائه وأحبائه وزملائه ولا لدينه أو وطنه.. فلا خير فيه ومنه على الإطلاق لأى أحد حتى لزوجته أو أولاده. وفى الوقت نفسه لا يقصر شره وأذاه عن الناس.. فهو «لا يؤمن شره».. فشره كثير واعتداءاته على الجميع متوالية فلا تمر ساعة إلا وقد آذى العشرات أو المئات بيده أو بلسانه أو بكلامه أو بتقاريره المزيفة أو افتراءته فـ«خيره مدفون وشره معلن شاهد موصول».. صدقت يا سيدى يا رسول الله. فهل ننصرف عن الشر والأشرار ونحب الخير والأخيار.. أم سنظل فى غفلتنا سادرين؟!!








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة