بعد 30 يونيو بفترة انتشرت أغنية على الحجار «إحنا شعب وهم شعب»، وقبلت هذه الأغنية بالكثير من اللوم والعتاب من أطراف مختلفة على الساحة المصرية آنذاك. والمتصفح الآن لمواقع التواصل الاجتماعى وخاصة موقع «تويتر» سيجد أننا بعد مرور عامين على هذه الأغنية أصبحنا أكثر من شعبين، ازداد الانقسام، وتوسعت الفجوة، واحتد الهجوم من كل شعب على الشعب الآخر. ولست مع أن كل ما يحدث على هذه المواقع يدرج تحت مسمى عالم افتراضى، لأن هذه حسابات لأشخاص فى العالم الواقعى موجودين بالفعل، حساباتهم تنقل أفكارهم ومعتقداتهم، وهذا طبعا بعيد عما يطلق عليهم اللجان الإلكترونية والحسابات الوهمية، ولكن بشكل أو بآخر هذه المواقع أصبحت تنقل ما يجرى على الواقع، وأصبحت انعكاسا لشرائح معينة من المجتمع. فمؤخرا تصاعدت بشكل مفاجئ حدة الانقسام على هذه المواقع، وأصبحنا شعوبا تختلف ولا تتناقش باحترام بل تعتمد فقط وفقط على السب والقذف واتهام الشعب الآخر قبل أى نوع من أنواع النقاش. وهذا بدأ بالطبع فى الإعلام التقليدى، وانعكس فى الإعلام الحديث وفى الواقع المصرى أيضًا، وهذا تدرج طبيعى، فالإعلام هو اللى سايق على رأى «كايرو كى».
الشعب الأول: شعب مؤيد للنظام فى كل شىء تأييد أعمى، وهذا الشعب يرى كل من ينتقد النظام عميلا وخائنا وإرهابيا فورا أسطوانة جاهزة ومعدة مسبقا. الشعب الثانى: هو الشعب الواهم الذى يعيش مع نفسه بالفعل فى ملكوت آخر ولا يريد أن يفتح حتى عينيه ليرى أن ما يكتبه ويقوله هو درب من دروب الخيال، الشعب الذى يرفع شعارا تحول إلى نكتة العصر «مرسى راجع». وهذا الشعب منه المسالم على حساباته أو فى تظاهراته ومنه العنيف ومنه الإرهابى.
الشعب الثالث: إحنا آسفين يا ريس، الشعب المباركى، الذى يرى أن مبارك رجل شريف مظلوم دبرت ضده مؤامرة يناير، وهنا يتفق نوعا ما فى هذه الجزئية معه الشعب الأول ويبدأون معا فى لحن أسطوانة «يناير مؤامرة». الشعب الرابع: وهو الشعب الحالم وده أغلبه من الشباب الباحث عن شعار ثورة يناير العيش والحرية والعدالة والكرامة والمتهم من الجميع بالعمالة والخيانة سواء من الشعب الأول والثانى والثالث وهذا الشعب الرابع للأسف منقسم إلى فصيلين آخرين فصيل أكثر راديكالية وهم يسار هذا الشعب، وهذا الفصيل للأسف أيضا لا يرى إيجابيات ولا يقيم الوضع بموضوعية، آلياته أحيانا كثيرا ما تختلف عن يمينه الأميل للإصلاح من الإسقاط، فالفصيل الراديكالى يرفض بكل شدة آليات الفصيل الليبرالى المصلح، الأمر الذى يصل للاتهام أيضا بالتخوين وبيع الثورة بكل أسف. الشعب الخامس: وهم أقلية جدا جدا، وهم الشعب الموضوعى الذى يرى الخطأ خطأ وينقده والصح إيجابى ويذكره، وهنا يتداخل هذا الشعب مع الفصيل الليبرالى فى الشعب الرابع ويتفقا معا كثيرا، ومن الممكن أن نعتبرهم فصيلا متجانسا. الشعب السادس: ظهر مؤخرا ولم تتضح ملامحه بعد فهو شعب مؤيد للفريق شفيق ويرى فيه الرئيس والقائد، شعارات مناهضة للنظام ثم اعتذار ثم منع حديث الفريق ثم استقالة الفريق! فأعتقد أن هذا الشعب ما زال فى مرحلة الولادة وستتضح ملامحه لاحقا.
وأعتقد أن وجود كل هذه الشعوب فى شعب واحد هو الأخطر حاليا على استقرار مصر وعلى القيادة الحالية، أخطر من الاقتصاد وعامل مساعد للإرهاب، فكيف ستتعامل القيادة الحالية مع هذا الانقسام؟ التجاهل لن يفيد، والمواجهة لابد منها إن عاجلا أو آجلا. مصر لم ولن تعبر دون وحدة الشعب وأن يكون فقط هناك أقلية هادمة منفرة لوحدها، لكن بهذا الانقسام العبور صعب وأقرب إلى المستحيل.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة