نفتكر رمضان، لا يمكن ننسى صوته بعد أذان المغرب مباشرة «الله يا الله».. الشيخ سيد النقشبندى، أستاذ المداحين والمنشدين والمبتهلين. صوته الأخاذ يصافح آذان الملايين وقلوبهم خلال لحظة الإفطار، فى عام 1966 سجل للإذاعة العديد من الأدعية الدينية التى كانت تذاع يوميًا عقب أذان المغرب، ومجموعة من الابتهالات لحنها محمود الشريف، وسيد مكاوى، وبليغ حمدى، وحلمى أمين، وأسماء الله الحسنى التى اشتهرت فى مفتتح الأفراح بأصوات مطربين كانت مع النقشبندى بصوته الأوبرالى.
قبل الإذاعة صام أجدادنا رمضان مع الحكايات، وكانت الإذاعة بداية الخيال، فى مايو 1934 بعد سنوات قليلة من انطلاقها بشكل تجارى 1920، وبدأت فى مصر سنة 1925 محطات إذاعة أهلية فى شقق صغيرة فى الحى أو الشارع، بعدها ظهرت إذاعات أهلية تمول من الإعلانات مثل راديو فاروق، وراديو فؤاد، وراديو فوزية، وسابو، بعضها بالعربى والبعض باللغات للأجانب.
وفى سنة 1926 صدر مرسوم ملكى لتنظيم بث الإذاعة، وفى سنة 1932 افتتحت «محطة راديو الأمير فاروق»، لكن كانت المحطات بيشغلها هواة، بعضها كان بيذيع أى حاجة حتى لو رسايل غرام، ويعلن عن بضايع أو يشتم ويعمل جرسة، ظلت فوضى، حتى تم افتتاح الإذاعة المصرية.
الإذاعة بداية ثورة نراها الآن بالألوان، هناك فرق بين العالم قبل الإذاعة والعالم بعدها.. تم تمصير الإذاعة 1947 وإلغاء عقد ماركونى، الآن ونحن أمام قنوات تليفزيونية ومسلسلات نتذكر أجدادنا حتى الثلاثينيات من القرن العشرين، لا كهرباء ولا إذاعة.
كانوا يفطرون ويتسحرون فى نور الكلوبات واللمبات الجاز، يطبخون ويخبزون على مواقد تسمى «الكانون» أو الفرن البلدى، بالحطب والقش، ولما ظهر وابور الجاز كان إنجازًا ونقلة، فما بالنا بالبوتاجاز، وحتى الستينيات كانت الأجواء قبل الإفطار.. الأفران تطلق من البيوت روائح الطبيخ.
الراديو أول ماظهر كان سعره غاليًا وغير متاح لكل الناس، كانت المقاهى الكبيرة فقط فيها الراديو والناس تتجمع حواليه، كان يعمل بالبطاريات السايلة، وبعد كده الجافة.. حدوتة كبيرة، نفس الصندوق اللى بنشوفه فى الأفلام القديمة، يكفى أننا نرى إعلانًا عن الراديو فى صحف الثلاثينيات أنه بـ25 جنيه، كان الجنيه جنيه دهب، وراتب الموظف 4 أو 6 جنيهات.. الدنيا كان لديها الكثير من الذكريات والخيال والحكايات، الدنيا كانت أقل تعقيدًا، يا ترى هل كانوا أكثر سعادة؟.. علاقات عائلية وأسرية أقوى.. المؤكد أن ظهور الإذاعة غيّر العالم ومعه طعم رمضان، لكننا فى عصر الإنترنت والتواصل نسترجع كل هذه الذكريات، ونستعيدها ونحن على كنبات التواصل الاجتماعى.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة