«صوته من أسباب تعطيل المرور فى الفضاء، لأن الطير السارح فى السماء يتوقف إذا استمع لصوته» هذا ما قاله العالم الأزهرى الجليل عبدالعزيز البشرى، عن إمام المنشدين الشيخ على محمود المتوفى سنة 1948 عن 68 عاما، وصاحب مدرسة عريقة فى التلاوة القرآنية وابن الجمالية بحى الحسين، وتتلمذ على يديه العمالقة الكبار طه الفشنى وكامل يوسف البهتيمى ومحمد الفيومى، ومن أعضاء بطانته إمام الملحنين الشيخ زكريا أحمد، والله عليك يا مصر التى امتزج تسامحها بروح الإسلام، فأنتجت فنا دينيا مصريا خالصا، يرتبط بحب الله والتقرب إليه والصفاء الروحى.
صار الشيخ على محمود أشهر أعلام مصر قارئاً ومنشداً ومطرباً. وقارئ مسجد الإمام الحسين الأساسى، وبلغ من عبقريته أنه كان يؤذن للجمعة فى الحسين كل أسبوع أذاناً على مقام موسيقى لا يكرره إلا بعد سنة . كما صار منشد مصر الأول الذى لا يعلى عليه فى تطوير وابتكار الأساليب والأنغام والجوابات، من أشهر النوابغ الذين اكتشفهم الشيخ على محمود القارئ العملاق الشيخ محمد رفعت الذى استمع إليه سنة 1918م يقرأ وتنبأ له بمستقبل باهر وبكى عندما عرف أنه ضرير، وتعلم الشيخ رفعت فى بداياته كثيراً من الشيخ على محمود، وصار سيد قراء مصر وصوت الإسلام الصادح فيما بعد.
الله عليك يا مصر التى يسرى الإسلام فى عروق شعبها كجريان النيل فى أرضها، إسلام الحياة والخير والخضرة والنماء، فأضفوا من روحهم على المناسبات الدينية معانى البهجة والفرح والخشوع، خصوصا رمضان الكريم الذى تضرب محبته أوتار القلوب وتحلق أيامه ولياليه فى رحاب السماء والخشوع، شهر التسامح والرحمة والمغفرة، وليس تهديد الآمنين المصلين وقتلهم وهم يرفعون أيديهم للسماء «اللهم إنى لك صمت وعلى رزقك أفطرت» كما فعلوا مع شهدائنا الأبرار فى سيناء، فالله احفظ مصر وشعبها وشبابها، وردنا إلى الإسلام الرحيم الذى تهفو فيه القلوب لذكر الله وحبيب الله، وشيوخ الزمن الجميل الذين غرسوا فى قلوبنا نفحات روحانية، «إنها مصر التى قال عنها رسول الله إن أهلها فى رباط إلى يوم القيامة، مَن يقول عن مصر أنها أمّة كافرة إذًا فمَن المسلمون مَن المؤمنون؟، مصر التى صدرت علم الإسلام إلى الدنيا كلها، صدرته حتى إلى البلد الذى نزل فيه الإسلام»، والله يرحم الشيخ الشعراوى.