الموقف الألمانى الرسمى من جماعة الإخوان لا يسير على خط سياسى واضح، وإنما تشوبه الازدواجية فى التعامل.
الداخل الألمانى ممثلا فى الجمعيات الحقوقية، رغم انتقاده لبعض ممارسات الأمن المصرى، فإنه يرى أنها «جماعة ومنظمة إرهابية» تستخدم العنف وتشجع عليه، ومع ذلك ترفض الحكومة الألمانية تجاهلهم سياسيا، بزعم أنهم «قوة سياسية فى الشارع العربى، وعلى هذا الأساس بدأ الاتصال بهم فى ألمانيا قبل ثورة يناير بسنوات، وهو ما فعلته السلطات الأمريكية وتوظيفهم كورقة سياسية للضغط على النظام فى مصر، وهى عادة سياسية ليست غريبة على الإخوان منذ نشأتها فى العشرينيات، ألمانيا ترفض تصنيف الإخوان كجماعة إرهابية، وتظن أن خطر الإرهاب يأتى من السلفية المتشددة وليس من الإخوان!».
فى الجانب الآخر السلطات الأمنية الألمانية تتعامل معهم بحذر، وتراقب أعمالهم وأنشطتهم، وتقارير ألمانية ترى أن الإخوان هدفهم تقويض وهدم النظام الديمقراطى الألمانى، هذه الازدواجية المتبادلة أيضا يعكسها تقرير جهاز حماية الدستور فى ولاية بافاريا، الذى يؤكد أن الإخوان تبدى انفتاحا وتسامحا وحوارا وتعاونا مع المؤسسات السياسية لكسب التعاطف والتأثير فى المجتمع الألمانى، لكن الهدف -كما يشير التقرير- لدى الإخوان يبقى هو تأسيسى وإقامة نظام سياسى على أساس الشريعة الإسلامية.
الكتابات الألمانية كثيرة ومتعددة فى كشف هوية الإخوان ونواياهم فى ألمانيا وأوروبا، وتجمع على أن الإخوان «جماعة غامضة» من الصعب اختراقها، لديه فروع فى حوالى 80 دولة، وفرعها الألمانى «المركز الإسلامى» يضم 2000 عضو، علاوة على المتعاطفين والداعمين من خلال السيطرة على المساجد المنتشرة فى أنحاء ألمانيا، بعيدا عن سلطة الأزهر أو المؤسسات الإسلامية الوسطية فى العالم الإسلامى.
وتذهب كتابات أخرى إلى أن الجماعة بعد 30 يونيو بدأت فى تغيير خططها لتحسين صورتها فى أوروبا وألمانيا من خلال الصحف الكبرى والإذاعات والتليفزيونات، وتضخ أموالا طائلة مقابل ذلك، لإظهار أنها جماعة «مضهطدة ومظلومة»، ولذلك بدأت تلجأ لتنظيم الأخوات وتأهيل نساء الجماعة للعمل الإعلامى والخيرى والاجتماعى، وهى استراتيجية تعوض غياب القيادات من الرجال فى الدول العربية.
المسألة واضحة فى ازدواجية تعامل بعض الدول الغربية مع الإخوان لتحقيق أهداف سياسية، لكن تبقى القضية هى: كيف نتعامل نحن مع هذه الدول بإعلامها ونخبها السياسية والثقافية؟