لن أقول جديدا عندما نؤكد على وجود تجاوزات خطيرة فى ملف حقوق الإنسان فى سجون مصر ومراكز الشرطة بها، ولن أضيف شيئا بأن تدهور حقوق الإنسان فى مصر أصبح أضعاف ما كان قبل الإطاحة بكل من مبارك ومرسى، وأن عملية تجميل جرائم بعض ضباط الشرطة ضد المدنيين فى أقسام الشرطة والسجون بحكايات وهمية عن توحش الإرهاب فى مصر، فإنه قول حق يراد به باطل، لأن أول الطرق للرد على الإرهاب هى إعلاء قيمة الإنسان وحقوقه داخل السجن وخارجه، فلا يعقل أن يقوم الإرهابون بقتل أفضل ضباط مصر، فيكون رد زملائهم فى الداخلية هى المزيد من البطش والتعذيب، وأحيانا قتل المواطنين الأبرياء أو حتى من لديهم تهم، فالقاعدة التى تربينا عليها ونقولها دائما ولا نعمل بها، أن المتهم برىء حتى تثبت إدانته، وأضيف أنه حتى لو ثبتت إدانة أى مواطن، فليست مبررا لكى يقوم «البشوات» و«البهاوات» فى أقسام الشرطة والسجون بتعذيب هذا المواطن، حتى ولو أدين فى قتل أحد ضباط الشرطة، فما بيننا وبين هذا المجرم هو القانون وحكم القضاء، وغير ذلك فإنه ليس مقبولا، ولكن ما يحدث الآن من عمليات تعذيب بشعة فى سجون مصر يجعلنا نطالب كبار القيادات بوزارة الداخلية، وعلى رأسهم الوزير اللواء مجدى عبدالغفار، بإعادة تأهيل هؤلاء الضباط أو الاستغناء عنهم أو نقلهم لأعمال كتابية والابتعاد عن الاحتكاك مع المواطن.
ويبدو أننى لست الوحيد الذى يغرد فى موضوع انهيار حقوق الإنسان فى السجون وأقسام الشرطة والتعذيب المنظم الذى بدأ يعود بكل أشكاله مرة أخرى، بعد أن اعتقد المواطن أنه صنع ثورتين لكى يجبر السادة ضباط وأمناء الشرطة على التوقف عن عمليات التعذيب ضدهم، ولقد شاركنى فى قرآتى للسلخانات الداخلية التقرير الخطير للمجلس القومى لحقوق الإنسان، الذى كشف فى هذا التقرير كوارث بهوات وبشوات وزارة الداخلية، الذين يسيئون للوطن عندما يحولون المواطن إلى حقل تجارب فى أقسام الشرطة، مستغلين حالة الحرب على الإرهاب لتبرير كل أعمالهم الإجرامية ضد المواطن، الذى ذهب ضحيه ما يحدث فى مصر مرتين، الأولى عندما أصبح هدفا للجماعات الإرهابية، والثانية عندما أصبح ضحية لضباط الشرطة، تقرير المجلس القومى لحقوق الإنسان كان بمثابة التحذير الأول لضباط الشرطة إذا استمروا فى تعذيبهم للمواطنين، وإنذار حقيقى لكل من يهدر حقوق الإنسان حتى ولو بحجة محاربة الإرهاب، وللحديث بقية غدا إن شاء الله.