الراهب باسيليوس المقارى أشهر تلاميذ متى المسكين: الأقباط كسروا الحصار الحديدى ضد "متى" بعد وفاة البابا شنودة الذى منع كتبه من الكنائس بالترهيب.. ولا خلافات عقائدية مع الكنيسة الأم

السبت، 20 يونيو 2015 09:40 م
الراهب باسيليوس المقارى أشهر تلاميذ متى المسكين: الأقباط كسروا الحصار الحديدى ضد "متى" بعد وفاة البابا شنودة الذى منع كتبه من الكنائس بالترهيب.. ولا خلافات عقائدية مع الكنيسة الأم الأب متى المسكين
حوار- سارة علام

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الراهب باسيليوس المقارى، أحد أشهر تلاميذ الأب متى المسكين صاحب الخلاف الشهير مع البابا شنودة، والذى التقى به الرئيس السادات أثناء خلافه مع البابا الراحل وعرض عليه تولى الكرسى البابوى، مما دفع الكنيسة لمنع كتاباته وأفكاره حتى وإن لم يصدر قرارًا رسميًا بذلك، فى هذا الحوار، يتحدث الراهب باسيليوس عن خلافات الأب الراحل مع الكنيسة الأم، وسر عدم ارتداء رهبان الدير القلنسوة السريانية التى يرتديها آباء الكنيسة الأرثوذكسية.

كيف أحيا دير الأنبا مقار ذكرى نياحة الأب متى؟ وهل هناك نية لإعادة طبع بعض أعماله ومذكراته؟


نحن نحيى ذكرى نياحة قدس أبينا الطوباوى القمص متى المسكين بإقامة القداس الإلهى فى يوم ذكراه. ويأتى الكثيرون من محبيه وعارفى فضله لمشاركتنا فى ذلك، أما سؤالك عن إعادة طبع كتاباته، فهذا ما كان وما ظل يحدث فعلاً طيلة الأربعين سنة الماضية، ولم يتوقف، بل ازداد هذه الأيام حيث تدور عجلات المطبعة نهاراً وليلاً لتظل كتاباته الوافرة دائماً فى أيدى كل من يسأل عنها، والرب يعيننا على إنجاز ذلك.


هل ما زالت كتب الأب متى المسكين ممنوعة من التداول فى الكنائس حتى الآن ؟



لم يحدث فى أى وقت أن مُنعت رسمياً كُتب الأب متى المسكين لأن ذلك يستلزم إجراءات قانونية كنسية حسب قوانين الكنيسة واستناداً إلى تقاليدها التاريخية السابقة الراسخة مثل عقد مجمع كنسى لابد أن يحضر فيه الشخص موضوع الخلاف لمناقشة أفكاره، ويناقشه علماء لاهوتيون أكاديميون، وفى تاريخ الكنيسة توجد سوابق لذلك عُقدت فيها مجامع كنسية يكون الحَكَم فيها، ليس لمُدَّعى الاتهام، بل لعلماء اللاهوت الأكاديميين حتى ولو لم يكونوا من رجال الكهنوت (مثل القديس أثناسيوس الرسولى فى القرن الرابع الذى كان شماساً عالماً ولم يكن كاهناً).

ولأن منع كتب الأب متى المسكين هو أمر غير شرعى ما دام لا يوجد مجمع كنسي للعلماء اللاهوتيين الأكاديميين قد قرر هذا، لذلك فكان ذلك المنع يتم عن طريق التخويف وإرهاب كهنة الكنائس وتهديدهم شفوياً بالحرم الكنسى إذا سمحوا بذلك فى كنائسهم، وهذا لم يتم إلا فى عهد البابا السابق (قداسة البابا شنودة الثالث) فقط، ولكن لم يحدث قبل ذلك لا فى عهد البابا القديس أنبا كيرلس السادس ولا فى عهد البابا الأسبق يوساب الثانى قبله.
ل

كان معرض الكتاب القبطى السابق، شهد أزمة منع كتابات الأب متى من العرض، ما تحليلك؟


منع عرضها فى المعرض السابق فكان تصرُّفاً شخصياً من أحد الأساقفة منتهزاً فرصة غياب قداسة البابا تواضروس الثانى لوجوده خارج البلاد، وبعد وفاة البابا شنودة الثالث فقد كسر الشعب المصرى المسيحى المستنير هذا الحصار الحديدى الفكرى وتهافتوا بطريقة تلقائية دون سلطان من أحد إلا ضمائرهم المستنيرة على قراءة كتابات الأب متى المسكين، حتى أن المطبعة استطاعت بمعونة الله أن تلبى طلبات القراء المتزايدة على طلب هذه الكتابات.

هناك من يشيع وجود خلافات عقائدية بين الأب متى المسكين والكنيسة الأم، ما رأيك فى ذلك؟


لابد أن أذكر أولاً نبذة تاريخية وهى أنه فى فترة ما قبل الحكم الديموقراطى وبعد استقلال مصر، بدأ الغزو الطائفى الغربى الكاثوليكى مع الاحتلال الفرنسى ثم البروتستانتى مع الاحتلال الإنجليزى، وبدأت كلتا الطائفتين الكاثوليكية والبروتستانتية فى مهاجمة عقائد الكنيسة القبطية الأرثوذكسية لتحويلها إلى عقائدهما، وهنا بدأ الأقباط يؤلفون الكتب الدينية الكنسية فى مواجهة هذه الهجمة الشرسة من كلا الطائفتين، ولكن كانت الصعوبة تكمن فى ضياع الكثير من المخطوطات القديمة التى تحوى الأسس اللاهوتية للتعليم المسيحى الأرثوذكسى لإمكانية الصمود فى مواجهة هذه الحرب العلمية المشتركة من الطائفتين، ولأن هاتين الطائفتين الغربيتين كانتا فى الوقت نفسه تتحاربان كل واحدة ضد الأخرى، فلم يجد الكُتَّاب الأقباط سوى الاستعانة بدفاع كل طائفة ضد الأخرى لاستخدامها فى صدِّ هجمات هاتين الطائفتين بحجج كل طائفة ضد الأخرى، ولكن كانت النتيجة المؤسفة لهذه الطريفة أن تسرَّبت بعض التعاليم الدينية الغربية الخاطئة إلى تعاليم المعلمين الأقباط وهم يردون على هجوم الطوائف الغربية، طبعاً دون أن يدروا أو يقصدوا ذلك، وذلك بسبب ضياع التعاليم الآبائية القديمة التى تمثل الفكر والمنهج اللاهوتى الأرثوذكسى الشرقى.

وحينما أتى أبونا متى المسكين وترهبن فى دير الأنبا صموئيل عام 1948، ثم انتقل لفترة قليلة إلى دير السريان، بدأ يدرس بجد واهتمام فى كتابات آباء الكنيسة القبطية القدامى فى ترجماتها الإنجليزية التى صدرت فى الغرب آواخر القرن التاسع عشر، وقد وجدت هذه الكتابات فى فكر الأب متى المسكين صدى طيباً شديداً، وتفاعلت مع السمة التصوفية Mystical فى شخصيته، ومع قوة الإلهام الإلهى الذى ملأ قلبه وعقله ووجدانه نتيجة الحياة الكنسية الرهبانية التى عاشها بإخلاص وجدية وعمق فى الدير، وبسبب تأملاته الشخصية العميقة فى الكتاب المقدس، كل هذه العوامل أفرزت أول ما أفرزت تأليفه للكتاب المشهور عالمياً: "حياة الصلاة الأرثوذكسية" الذى ترجم إلى عشرات اللغات الحية وصار مرجعاً ومرشداً لرهبان وراهبات الكنائس الأرثوذكسية وغير الأرثوذكسية وعلمائهما اللاهوتيين من كل الطوائف المسيحية شرقاً وغرباً.

وفى عام 1958، حينما أسسنا – نحن بعض الشباب المحبين للتكريس لخدمة الكنيسة - ما يسمى "بيت التكريس لخدمة الكرازة"، كنا نطلب من الأب متى المسكين أن يزورنا ويوجهنا فى كيفية الحياة التكريسية المشتركة، فبدأ يكتب بعض الكتب الروحية المصبوغة بفكر آباء الكنيسة الأوائل، والتى تنضح بالإلهام الإلهى الروحى الذى تميزت به كتابات الأب متى المسكين، لذلك التف حوله الشباب والقادة القدماء الكبار والجدد لمدارس الأحد.

ما سبب الخلافات إذن؟


طفا هنا على السطح وبرز عامل لم يكن أحد يتوقعه، فقد كانت هناك بعض قادة مدارس الأحد يطمحون لتولى الكرسى البطريركى بعد انتقال البابا يوساب الثانى (1946-1956)، ومن هنا بدأ عداء سافر بين هؤلاء الطامحين للكرسى البطريركى وبين الأب متى المسكين، ظناً منهم أنه سينافسهم فى هذا الطموح بسبب التفاف الشباب المسيحى حوله وحول كتاباته، ولكن هذا الظن كان أبعد ما يكون عن فكر الأب متى المسكين أو حتى تخيُّله، وأنا شخصياً سألته مرة – وكنت ما زلت فى بيت التكريس بعد: "ما رأيك فى ترشيحك للكرسى البطريركى؟" فرد: "لا.. أنا لست لهذه المناصب"، وبعد 11 سنة قال نفس الإجابة للرئيس السادات فى سبتمبر عام 1981 حينما طلب منه الرئيس أن يصير بطريركاً، فردَّ عليه بنفس الجملة التى قالها لى من قبل: "لا، أنا لست لهذه المناصب"، ولما ألحَّ عليه الرئيس ردَّ عليه: "لو ألححت على فلن تجدنى فيما بعد، لأنى سألجأ إلى مكان لن يقدر أحد أن يعثر على فيه".

فالموضوع لم يكن خلافاً عقائدياً مع البابا شنودة، بل خوفاً من الأب متى المسكين لئلا ينافسه في طموحه للكرسي البطريركى، وهو ما لم يكن يدور فى خلد الأب متى المسكين قط! وهجوم البابا شنودة على كتابات الأب متى المسكين بدأ فور أن صار أسقفاً آواخر عام 1962 (أى قبل بلوغه الكرسى البطريركى عام 1971)، وهذه شهادتى لأنى كنت معاصراً ومتداخلاً في هذه الأحداث ومع هؤلاء الأشخاص وبالأكثر مع نيافة وقداسة الأنبا شنودة سواء وهو أسقف ثم وهو بطريرك (وكذلك قبل رهبنته سنة 1954 حيث كنت أعمل معه في إصدار مجلة مدارس الأحد)، وكانت لى معه جولات وحوارات متعددة، وكان ذلك قبل ذهابى للدير للرهبنة عام 1973.

لماذا لا يرتدى رهبان دير الأنبا مقار القلنسوة السريانية على الرأس وهو الزى الذى تعتمده الكنيسة، وهل فى ذلك مخالفة للتقاليد الكنسية ؟!

الرهبان منذ بدء الرهبنة لم يكن لهم زى تفرضه عليهم الكنيسة لأن الرهبنة ليست ضمن الرتب الكهنوتية، بل كان هناك زى استلمه أول الرهبان القديس الأنبا أنطونيوس الكبير استلمه من الملاك فى بدء رهبنته وهو يسمى الإسكيم الرهبانى وهو عبارة عن صليب من الجلد يلتف حول العنق وينـزل إلى البطن ويلتف حول الظهر. وهو يُلبس تحت الملابس وكذلك المنطقة الجلدية حول البطن وتُلبس تحت الملابس، وغطاء الرأس مثل خوذة الجندى وهكذا عاش الرهبان على مدى 17 قرناً، أما غطاء الرأس الذى تسألين عنه فهو خاص برهبان السريان وقد أُدخل فى الكنيسة بعد رسامة البابا شنودة بطريركاً وكان بطريرك السريان الأسبق قد أهدى له هذا الغطاء للرأس، فعمَّمه على كل الأديرة فيما عدا دير الأنبا مقار. وبعد نياحة الأب متى المسكين واستقالة رئيس الدير نيافة المتنيح الأنبا ميخائيل مطران أسيوط طلبنا من قداسة البابا شنودة الثالث أن يشرف على الدير، فلما زار الدير أحضر معه غطاء الرأس هذا وسلَّمه بيده لكل راهب قائلاً له: "إذا أحببت أن تلبسه فالبسه حسب رغبتك"، وهكذا لبسه البعض ولم يلبسه البعض الآخر، بحسب تخيير البابا شنودة الرهبان فى ذلك.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة