الحديث عن حالة المستشفيات والمعاهد والوحدات الصحية التابعة للحكومة أصبح حديثا ليس بجديد، وتكرارا لوصف التردى الذى بلغته هذه الأماكن التى من المفترض أن تعالج الملايين من أبناء الفئات غير القادرة فى الشعب المصرى، فالأبنية متهالكة، والتجهيزات غير متوفرة وأطقم التمريض غير كافية، والعلاج غير موجود بالمرة، والحالة مازالت على ما هى عليه، رغم الزيارات المفاجئة التى قام بها المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء لعدد من مستشفيات القاهرة والجيزة، وشاهد بنفسه الأوضاع السيئة داخلها والتى لا يؤهلها لعلاج بشر أو حيوان.
المسألة هنا لا تنتهى لمجرد زيارة لمستشفى هنا أو تفتيش على معهد أو وحدة صحية هناك، رغم أهميتها والتأكيد على اهتمام رئيس الحكومة بقطاع الصحة ووضعه على رأس أولوياته، وأيضا لا يمكن تحميل الدكتور عادل العدوى المسؤولية وحده عن انهيار منظومة الصحة فى مصر طوال أكثر من 30 عاما مضت، مع بدء التحول إلى بيزنس المستشفيات الخاصة، وتعمد إهمال مستشفيات الحكومة وتحويلها إلى خرابات ترتع فيها الحيوانات والحشرات وإلى مقابر للراغبين اضطرارا للعلاج فيها. الوزير للانصاف يحاول جاهدا عمل شىء من أجل إصلاح المنظومة المتهالكة، لكنه، والجميع يعرف، يواجه ركاما ضخما من المشاكل والتحديات، ولن يستطيع وحده القضاء على ميراث ثلاثة عقود من التدمير.
القضية ليست فى زيارة وتفتيش وإنما فى رؤية وخطة واضحة، وقبلها إيمان من النظام السياسى القائم، بمسؤوليته الكاملة عن صحة المصريين واعتبارها خطا أحمر وأمنا قوميا لا ينبغى إهماله وتركه، بل العمل على إحيائه من جديد والتزام الدول بالنهوض بمنظومة الصحة وحق العلاج المجانى للمواطنين.
إذا لم يشعر الناس بالتغيير الحقيقى فى حياتهم المعيشية وإدراكهم أن هناك اهتماما من الدولة الجديدة بصحتهم وعلاجهم وتعليمهم، فالخوف أن يعود المصريون إلى حالة اللامبالاة وعدم الثقة فى شىء.
الحكومة، إذا أرادت وكان لديها الرغبة، عليها أن تعلن مشروعا أو خطة قومية للنهوض بحوالى 440 مستشفى حكوميا وأكثر من 5 آلاف وحدة صحية فى مصر وفى وقت وزمن محدد، ثم وضع نظام صحى يضمن لملايين المصريين الحق فى العلاج والحق فى الدواء، فلابد أن نرى تغييرا حقيقيا وجذريا فى حياه المصريين بداية من الصحة العامة ثم التعليم وهذه قضية أخرى.